3

:: احترم الفكرة حتى وإن لم تعجبك ::

   
 

التاريخ : 27/04/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 974

 


 

 

في أكثر من مقالة تحدثت عن أهمية التشجيع والدفع بفلذات أكبادنا وأفكارهم نحو المستقبل المشرق، ونظراً لأن الخطوة الأساسية في هذا السياق تكمن بين جدران المدارس وبين يدي المعلمين والمعلمات، فإنهم وكما هو واضح يتلقّون حملاً هائلاً وكبيراً في سبيل أداء رسالتهم التعليمية. لذا توجَّه كلماتنا لهم بطريقة أو أخرى.

المدرسة هي الوعاء المعرفي الذي من خلاله يكتسب الطفل منذ سنواته التعليمية الأولى السلوكيات والمعارف على مختلف اتجاهاتها وميولها، فضلاً عن معرفته بطبيعة الحياة والنظام السائد فيها من خلال النظام السائد في مدرسته، لأنها مجتمع صغير ينقل صورة عن المجتمع الكبير بكل أطيافه وألوانه. لذا فإنه من الطبيعي أن تكون رؤيتنا وتطلعاتنا نحو هذه الصروح التعليمية، وما ينتج منها وعنها.

هذه الكلمات أسردها بعد سماعي قصة إحدى الطالبات مع معلمة الحاسب الآلي التي كانت تشرح موضوعاً عن استخدام الحاسب الآلي. توجهت الطالبة نحوها وقالت: أستاذتي أنت تقومين بتعليمنا مادة عملية، لماذا لا نطبق هذه الدروس على أجهزة الحاسوب في المعمل؟ غضبت المعلمة ونهرتها قائلة هل أنت تعلميني أساليب الشرح؟ سأخصم من درجاتك.

غنيٌّ عن القول إن الموضوع تصاعَدَ وتدخّلت الأسرة لحماية ابنتها، لماذا؟ لأن ابنتهم في الحقيقة كانت متفوقة في الحاسب الآلي، وتصمّم برامج ومواقع على شبكة الإنترنت، ببساطة هذه الفتاة كانت تجاوزت جميع دروس الحاسب الآلي تطبيقياً وعملياً. هنا يتّضح لنا موقف المعلمة الضعيف أمام لجنة للتحقيق، وهذا الضعف هو الذي يخدش هذه المهنة العظيمة، وهذا هو الذي يُهبِط من قيمة ورسالة التعليم.

صدقوني إن رسالة التعليم بالغة الخطورة، والمعلمون والمعلمات يستحقون كل احترام وتقدير، لكن أمام مثل هذه القصة التي سردتُها بشكل موجز، كيف سيكون حال المعلم أو المعلمة؟ كان على هذه المعلمة أن تحترم هذه الطالبة، وتتفاعل مع مقترحها بكل رحابة صدر. ماذا لو قالت: أشكرك على مقترحك ونطبقه إن شاء الله، أو قالت فعلاً كلامك صحيح، لكن لا توجد أجهزة كافية، أو غيرها من الردود الراقية التي تشجع هذه الفتاة لا تُخرِسُها وتكمِّم صوتها.

يقول الروائي العالمي الراحل نجيب محفوظ «العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى ولو لم يؤمن بها»، وأعتقد أن هذه المعلمة وجميع معلمينا عليهم احترام أفكار ومقترحات وآراء طلابنا وطالباتنا، حتى وإن لم يقتنعوا بها أو لم تعجبهم، فالتشجيع والتوجيه زاوية مهمة في العملية التعليمية.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.