3

:: التغافل حياة سعيدة ::

   
 

التاريخ : 25/04/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 968

 


 

 

       أعجبتني رسالة وصلتني من إحدى القارئات وقعتها باسم "خديجة"، حملت كلمات موجزة وجميلة فيها إرشاد نحو التصرف عند تعرضك للإساءة، فقالت في رسالتها «عندما تتعرض للإساءة، لا تفكر في أقوى ردّ، بل فكّر في أحسن ردّ. يقول الله تعالى (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن). ثم تورد قصة عن تابعي اسمه محمد بن ثعلب، وقد عرف بسعة الصدر وكثرة الاحتمال، فقد كان يأتي إلى أقاربه فيسمعهم يشتمونه، فيعود ليأتي إليهم من طريق آخر حتى لا يعلموا أنه سمعهم.

واختتمت رسالتها الجميلة بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم سئُل عن أكثر ما يُدخل الناس الجنّة، فقال عليه السلام «تقوى الله، وحسُن الخلق»، ثم تمضي قائلة الحياة والعلاقات تنتظمان بالتغاضي، وتنسجمان بالتراضي، وتنهدمان بالتدقيقِ، وتنتهيان بالتحقيق، فلا تبخلوا بإسعاد من تحبون، ولا تجعلوا الشيطان يباعد بين قلوبكم، فإن الدنيا فانية.

ومن خلال هذه الكلمات الجميلة الموجزة أنطلق لموضوع في غاية من الأهمية ونغفل عنه جميعاً أو الكثير منا وهو التغاضي وغضّ النظر عن بعض الممارسات التي تعتبر خاطئة لكنها غير مؤثرة، ثم معالجتها بهدوء وسعة البال كما يقال في إحدى الجلسات مع بعض الصديقات سُئلت إحداهن عن السرّ وراء بقاء عاملتها المنزلية طوال هذه السنوات في العمل لديها، فلم تهرب ولم تطلب الخروج للعودة نهائياً إلى بلادها، وليس هذا وحسب، حتى سائقها والعامل الذي يرعى حديقة منزلها الكبيرة، فقالت «باحترامهم وتقدير ظروفهم وغضّ النظر عن زلّاتهم وأخطائهم الصغيرة، وعدم المحاسبة على الصغائر بقسوة وغضب، فإذا ارتكب أحدهم خطأ بسيطاً بسبب جهل أو نسيان أو نحوهما فإن العلاج يتمّ وفق الإرشاد والتوجيه وبهدوء، فأحياناً يحتاج الواحد منهم إلى التنبيه لا أكثر، نحن ننسى أن هؤلاء لديهم أطفالٌ وأُسَرٌ وأصدقاء في بلادهم يشدّهم الشوق لهم والحنين نحوهم، فينشغل التفكير والذّهن، بل تأتيه مكالمة هاتفية أو رسالة صوتية عبر واتساب يسمع خلالها صوت أحد أطفاله فيحزن وتضطرب مشاعره، فلا بد أن نكون رحماء، خصوصاً أنهم جاؤوا لعمل محدّد لم يعتادوه».

وأنا أعود لأول كلمة لهذه السيدة الفاضلة وأقول إن «الاحترام» هو أسمى وأكبر قيمة يمكنك منحها لإنسان آخر أقلَّ منك في عدة نواح مادية، فالاحترام أثره سحري وكبير وبالغ الأهمية، ولا ننسى التغافل وتمرير بعض الأخطاء مع التقويم والتصحيح لكن باحترام وهدوء ودون غضب ورفع صوت.

                

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.