3

:: الضرب على وتر الوطنية ::

   
 

التاريخ : 23/04/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 906

 


 

 

كثيرون هم أولئك الذين يعتبرون تجاراً بكل ما تعنيه الكلمة، لكن تجارتهم تقوم على الخداع لا على الوضوح والحقيقة، وأقصد بالتجار هنا الفئات معدومة الضمير، والتي تمارس تجارة بغيضة من رفع الشعارات البرّاقة لتحقيق مكاسب ذاتية شخصية لا أكثر ولا أقلّ، وهذه الفئات شاهدنا نماذج لها وأمثلة عدّة، لعلّ أوضحها وأكثرها بياناً تلك الفئات التي ترفع شعارات إسلامية والهدف الانقضاض على مصالح الناس ومقدّراتهم وحكم رقاب المجتمعات في انتهازية بغيضة إجرامية، وشاهدنا سقوط أقنعة هذه الفئات وهروب رموزها أمام الواقع الذي بدأ الناس في المجتمعات العربية إدراكه ومعرفته.

بالمثل هناك فئات أخرى انتهازية وتستغل الوطن لتحقيق مكاسب ذاتية، لكنهم في سبيل الوصول لأهدافهم يرفعون شعارات وطنية ويضربون على وتر حب الناس لأوطانهم، فعندما يلقون خطبهم يزعمون أن الهدف تطوير الوطن وتنميته وحمايته، والمعضلة الكبرى أن هؤلاء، عندما يمسكون إدارة حكومية أو يتقلّدون أي منصب قيادي، يكونون نكبة جسيمة على هذا الجهاز، فيترهّل وتكثر الشكاوى لأنهم ببساطة أبعد ما يكونون عن الحسّ الوطني ومنفعة الناس، فهم يركزون دوماً على أهدافهم الشخصية وكيفية تحقيقها بأسرع وقت ممكن لا أكثر ولا أقل..

توجد أبياتٌ جميلة لأبي العلاء المعري، قريبة من هذا المعنى يقول فيها:

قلّ الثــقـــات  فـلا أدري بمــن أثــــــــــق ** لم يبق في الناس إلا الزيف والملق


وغني عن القول إننا لا نتفق مع المعري في تعميمه، ففي الناس كل الخير أما الفئات الانتهازية فهي قلة، ودوماً هي الشاذة والنادرة، لكنهم على الرغم من قلّتهم ووهْن صوتهم، موجودون في كل مجتمع وفي كل مكان.

وما دام جاء ذكر مفردة الانتهازية، فلا بد من الإشارة لتوسعة مصطلحها فتلك الفئات التي تختطف ديننا وتوظّفه لمصالحها وتحقيق أهدافها جماعات انتهازية، وذلك الفرد الذي يرفع شعارات وطنية ويصرخ بحب الوطن، وعندما يتقلّد منصباً قيادياً يرجع به للوراء فلا يحقق للوطن أي قيمة مما كان يعِد ويصرخ به هو أيضاً انتهازي، وأنا وأنت، وكل إنسان يعِد الآخرين بالمساعدة ويسمعهم كلمات عن المثاليات والقيم والإيثار، وغيرها الكثير من قاموس واسع من المفردات البراقة، ثم النكث والكذب، هذه الممارسة أيضاً انتهازية، وهي ممارسة لا تليق بكل من يملك ذرة من الضمير والثقة بالنفس، لأن الواثق من نفسه ومن قدراته يسير على الطرق المثلى لتحقيق أهدافه الذاتية، فهو واضح في مسيرته يعمل بكل تفان وإخلاص لمنفعة بلاده ومجتمعه، أولاً وأخيراً.

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.