3

:: ليكُنْ يوم الجمعة يوم الجمعة ::

   
 

التاريخ : 07/03/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1169

 


 

 

       لم تعد هناك كلمات تصف ما يقال عن التباعد الاجتماعي، عن وهن العلاقات بين الأقارب، وقس على هذا إنشاء الصداقات. من دون شك إن هناك ضربة مدوية تعرّضت لها قيم المجتمعات بأسرها، وباتت لغة الأعمال تزاحم فضيلة الأنس والفرحة بالناس والأصدقاء والأقارب. إن عالم اليوم يضجُّ بحركة قاسية تُنتِج مادة باتت تأكل أو أكلت حصة الأسد من الدفء الاجتماعي الحميم، لكنني أحسب أن كبار السن هم الأكثر شعوراً بهذا التغيير، كأنهم في غربة تامة، أو في ذهول من الوحدة التي أطبقت عليهم، فلا أحد يزورهم ولا يجدون الجمعات والضحكات البريئة الصادرة من القلب، هذا واقع مؤلم نعيشه جميعنا بطريقة أو أخرى.

إحدى الصديقات، كانت تتحدث عن جدّها الذي يسكن في منزلهم، تقول: «أشاهد الحزن في عينيه، على الرغم من ابتساماته المالحة التي يهديها إلي في كل مرة أجلس لارتشاف القهوة العربية معه، كأنه يدرك أنني أجتهد على قدر استطاعتي لإضحاكه، فأنا مُثقلة بمهام العمل وضيق الوقت، معظم أصدقائه توفاهم الله، ووالدي مشغول جداً، رغم اجتهاده في الحضور والجلوس معه».

لقد اقترحت على هذه الصديقة أن تحاول إخراج هذا الجد، حفظه الله، من عزلته بزيارة المواقع الأثرية والمعالم التي تنتشر في أرجاء بلادنا، بل إشراكه في بعض الأندية المتخصصة، هناك سيلتقي بمن هم في سنه، ومن هم من جيله، أيضاً عمل مناسبات أسبوعية، أو على الأقل في الشهر مرتين، خلالها تجمع أفراد الأسرة كافة لتناول الغداء أو العشاء، وليكن يوم الجمعة هو اليوم الثابت، لأن الجميع في عطلة، قد يعتذر أحدهم عن الحضور مرة أو مرتين، لكن المؤكد أنه سيحضر مع تكرار الدعوة.

كبار السنّ ثروة عظيمة بكل ما تعني الكلمة، لقد أعجبتني هذه الصديقة أنها تجلس يومياً مع جدّها، وتتبادل الحديث معه، صدقوني إن هذا سينعكس عليها وعلى خبراتها الحياتية، إن معارف وطرق التصرف مع مختلف المواقف ستدركها، وليتها تحثّ إخوتها وأيضاً أباها على مثل هذه المبادرات، يجب منح كبار السن الشعور بأنهم الأساس، وأنه مازالت لكلمتهم قوة وطاعة، يجب استشارتهم حتى ولو مجاملة، بهذه الطريقة نمنحهم الثقة والإحساس بأنهم عنصر مهم في حياتنا، ولذلك نجنّبهم الشعور القاتل بأن لا فائدة منهم، هذا الشعور مؤلم جداً، لنمنحهم مكانة في حياتنا بإشراكهم فيها، لأن هذا يجعلهم في تفكير ومشاركة لنا، وهذا ما يحتاجون إليه.

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.