3

:: فكرة والدنا الشيخ زايد لا تزال خالدة ::

   
 

التاريخ : 27/02/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1602

 


 

 

 

عندما تحتفل بمناسبة سنوية عزيزة عليك تمسّ أرجاء الوطن بأسره، فلا بد أن يذهب التفكير مباشرة لمن صنع هذه المناسبة، لمن جعلها بكل هذا الحضور والتوهج، لمن حوّلها بجهد السنوات الطويلة وتعب الأعوام المتتالية لواقع عاشه الآباء والأبناء ثم الأجيال التالية والتالية، عندما يحتفل الوطن بيوم الاتحاد، فالعقل مباشرة يمضى نحو صانع الاتحاد، نحو الشخصية التي أخذت على عاتقها كل هذا العمل.. حلمت به وفكرت له وخططت من أجله، سهرت وسافرت اجتمعت والتقت، والعقل والجهد منصب فقط لقيام اتحادنا ولنهوض أمتنا، في مثل هذه المناسبة العظيمة، لا يمكن أن تمر دون التوقف ملياً عند سيرة الرجل الصالح الرجل الحكيم الكريم، الذي رصّ الصفوف وجمع القلوب بكلمة الحب والعدالة، لا بلغة الحرب وسفك الدم، بل بالتفاهم والحوار وقيم السلام والمحبة في عالم تكسوه القسوة والتقاتل. والدنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله رحمة واسعة، يحضر بكل طيف الحب وبكل خصال الشهامة والنبل في ذاكرتنا كلما مرت بنا ذكرى قيام اتحادنا المبارك، لأنه هو من صنعه، وهو من فكر وخطط من أجله. لقد آمن والدنا الشيخ زايد، رحمة الله، بفكرة الاتحاد، قولاً وعملاً ومن أقواله الخالدة: "لن تكونوا أقوياء ولن تتقدموا ما لم تتماسكوا وتتحدوا كأخوة في كل مكان في العالم العربي". تلك كانت بعضاً من أحلام والدنا الشيخ زايد، رحمة الله، ولكن مع الأسف لم يساعده الواقع العربي المتردي على تحقيقها والنهوض بها، ولكنه بكل جدارة حققها عندما قام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً عندما أعلن في الثاني من ديسمبر عام 1971 وشمل سبع إمارات هي أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة، وباتت دولة اتحادية يرأسها المجلس الأعلى للاتحاد ورئيس الاتحاد، ونائبه، ومجلس الوزراء، والمجلس الوطني الاتحادي، والقضاء الاتحادي. عندما نتحدث عن حلم وفكرة كانت تراود والدنا الراحل الشيخ زايد، رحمة الله، فهي لبُّ الحقيقة وهي معلومات تم تداولها على ألسنة الكثير من الساسة والإعلاميين والمثقفين ممن التقوا الشيخ زايد واستمعوا له ولأفكاره، بل هناك كلمات شهيرة موثقة بالصوت والصورة وهو يشرح ويصف خصال الواحدة والاتحاد وأنها قوة وتمكين وعز للجميع، بل إنها رافقته منذ سنواته الأولى حتى منذ أن كان حاكماً لمدينة العين (1966-1946). فهذه هي قرينته ورفيقة الدرب الوالدة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حفظها الله، تقول في إحدى كلماتها: "إن فكرة الاتحاد أغلى أحلامه منذ أن كان حاكماً للمنطقة الشرقية، والوحدة في رأيه تعتبر من أهم وسائل التغلب على تحديات الواقع، وهي إرادة التغيير، وتحقيق الرفاهية للمواطنين". ونقل المؤرخين وكثير من الكتب المتخصصة أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، كان هو البادئ باتخاذ الخطوة الأولى نحو الاتحاد، وهناك قصة شهيرة يتم سردها تقول إن الشيخ زايد رحمة الله، أرسل بخريطة إماراته – أبو ظبي - إلى الوالد الراحل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله رحمة واسعة حاكم دبي، طالباً منه أن يرسم الحدود التي يريدها لإماراته، وموضحاً أن تلك الحدود إنما هي حدود مصطنعة من قبل الاستعمار الهدف منها التفرقة والتجزئة. وغني عن القول أن هذه الإرادة لاقت قلباً محباً مقتنعاً هو قلب الوالد الشيخ راشد، رحمه الله، وأيضاً وجدت الصدى نفسه لدى أصحاب السمو شيوخ الإمارات. غني عن القول أن الشيخ زايد، رحمه الله، كان يرسم صورة وكياناً للاتحاد في عقله وقلبه، بريشة وقلم المؤمن الصادق بضرورة إعادة الامة العربية وإعادة توحيد المجزأ من الوطن العربي الكبير، وذلك مستفيداً من تجارب إخوانه حكام الإمارات معه ومع أفكاره الوحدوية، ومن النزعة الوحدوية المتفاعلة في صفوف جماهير منطقة الخليج العربي، التي كانت تحلم بالوحدة أو الاتحاد كطريق لوحدة عربية اشمل، وفي ذلك يقول سموه: "الاتحاد أمنيتي، وأسمى أهدافي لشعب الإمارات العربية".

لقد ساعدت الخلفية التاريخية والتطور الاقتصادي الاجتماعي للإمارات السبع على قيام قاسم مشترك أعظم بين إمارات الساحل السبع وخلقت شبه تكامل بين هذه الإمارات، وذلك بسبب القرب الجغرافي والتاريخ المشترك والتقارب في نمط الحياة الاقتصادية، وبرغم وفاة الشيخ زايد، رحمة الله عليه، فإن الاتحاد لا يزال قوياً بفضل إيمان أبنائه بقيمة هذا الاتحاد، وبأنه ليس مجرد اتحاد ينتهي بموت صاحبه، وتاريخنا العربي المعاصر محمَّل بعدة أمثلة فهناك اتحادات كثيرة يشهد التاريخ عليها كالاتحاد بين سوريا ومصر والسودان ومصر، انهارت تماماً ولم يكتب لها النجاح. أما اتحادنا فهو نموذج فريد يدرسه طلاب العلوم السياسية، اتحاد تم وضع أسسه بناء على التفاهم والتشاور والحب والفهم والمصير المشترك، هو اتحاد يتقاسم فيه صانعيه الرغبة الحقيقية والنية الصافية والنظرة البعيدة الثاقبة، وهذا سر خلود هذا الاتحاد العظيم ونجاح قيادته وصانعيه .

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.