3

:: الوفاة بين الخرافة والعلم! ::

   
 

التاريخ : 25/02/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 943

 


 

 

كنت دوماً أتساءل عن تلك العقول التي مازالت تستمع للدجالين والعرافين، وتدفع أموالاً طائلة لمعرفة أمور غيبية، واليوم الاستغراب يكبر لأننا في زمن التكنولوجيا وعصر المعلومات والهواتف الذكية التي حولت العالم لما يشبه قرية كونية صغيرة، يمكنك بضغطة زرّ أن تتواصل مع أي بقعة من العالم.

 فيما مضى كان يمكن أن نجد بعض التبرير لبعض تلك العقول بأنها متواضعة في تعليمها أو ثقافتها ومعرفتها ضحلة، لكننا نشاهد اليوم البعض ممّن هو على درجة علمية وأيضاً لديه ثقافة ومعارف، تجده يصيخ السمع للمنجّمين وقارئي البخت كما يقال، ويندرج تحت هذه القائمة البعض من الفنانين والمثقفين والمسؤولين والمشاهير بصفة عامة في كافة أرجاء العالم، وفي دول غربية وغيرها كثير لا يتم تجريم مثل هذه الممارسات تحت بن الخداع والتغرير بالناس، بل يتم التفاخر بها، لذا نجد لها جمهوراً واسعاً، يتم خلالها خداع الناس بشكل مقيت والهدف بطبيعة الحال الحصول على أموالهم.

تزدهر وتعلو أصوات هؤلاء المنجّمين في نهاية كل عام وبداية عام جديد، فيتوجه لهم البعض لمعرفة طالعهم ومستقبلهم في العام الجديد، وهل سيكون مختلفاً عن الماضي أو أفضل، ووصل الهوس لدى البعض بأن يطلب تحديد متى تاريخ وفاته أو متى سيتوفاه الله بالضبط، في أي عام وشهر ويوم، وبطبيعة الحال، فإن هؤلاء الدجالين لا يكذبون خبراً، فتراهم يُسمِعونك ما تريد عن طول العمر والصحة حسب ما تدفع لهم من أموال. وفي هذا السياق أتذكر خبراً تم نشره على نطاق واسع في معظم الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، يتحدث عن اكتشاف الحمض النووي (DNA) الذي يمكن بوساطته تحديد موعد الوفاة الطبيعية. وأعتقد أن مثل هذه الكشف العلمي ضربة قاسية لجميع العرّافين والدجّالين. يقول الخبر الذي نشرته جريدة "إندبندنت" البريطانية: إن (العلماء اكتشفوا أن الأشخاص الذين كان عمرهم البيولوجي أكبر مما يجب أن يكونوا عليه، هم أكثر عرضة للوفاة، نتيجة وجود عقدة في الحامض النووي توضح ذلك. وفحص العلماء 5000 شخص على مدار 14 عاماً، ووجدوا علاقة قوية بين العمر البيولوجي والوفاة. كما اكتشفوا تأثير أمراض القلب والتدخين على التغير في البناء الكيميائي للحمض النووي. وقال محقّق الدراسة الرئيسي البروفسور إيان ديري، من جامعة أدنبره الاسكتلندية، والذي يعمل في المركز المعرفي والإدراكي للشيخوخة، إن البحث الجديد يمكّن العلماء من فهم العلاقة بين العمر البيولوجي والوفاة. وتم نشر البحث في دورية علمية مختصّة بالجينات، بعد أن أجرى الدراسة علماء في عدة جامعات مثل أدنبره وجامعة كوينزلاند الأسترالية وجامعات كاليفورنيا لوس أنجلوس وهارفارد وجامعة بوسطن ومعهد جامعة جونز هوبكنز للتنمية الدماغ، والمعهد الوطني للقلب والرئة والدم بالولايات المتحدة".

أعتقد أن هذا الخبر يبين الهوة الكبيرة بين الدجل والخرافة والأساطير وكل تلك الأكاذيب وبين الحقائق العلمية المثبتة، وهو فرق شاسع وكبير، ولا مقارنة أبداً بين من يمضي عمره في المختبرات العلمية ليقدم للبشرية دراساتٍ وبحوثاً مضنية وطويلة ويعلن نتائجها، وبين أدعياء علم الغيب والذين يهدفون في الأساس لجمع الأموال من ضحاياهم الذين تم خداعهم. أطال الله أعماركم.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.