3

:: أتساءل عن العقل.. أين هو؟! ::

   
 

التاريخ : 16/02/2015

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1030

 


 

في أحيان كثيرة نستغرب كيف وصل العقل الإنساني الذي يتميز بخصائص فريدة من التفكير والاستنتاج، وفي هذا العصر الذي يتوهج بالمخترعات والمبتكرات، كيف وصل لمرحلة الجمود والتصلب والتوقف دون التمييز بين كثير من المواضيع الحياتية التي نعيشها يومياً. أدرك أن كثيراً من الجنح والجرائم تحدث مع سبق من الإصرار والترصُّد، وهو ما يعني الفهم بأن هذا خطأ ولكن يتوجه المجرم لممارسة جريمته وارتكابها في ظل خفوت واضمحلال للضمير مع إدراك العقل للخطأ بل يقوم بتوظيف أفكار لتحقيق النزوة الإجرامية، لكنني أشير إلى جانب آخر ومختلف تماماً عن هذا السياق، وهو وقوع كثير من الشباب في عدد من الدول فريسة سهلة تحت الخطاب الإرهابي المتطرف، وعندما أتساءل عن العقل هنا، فلأنه تتورط في هذا الانحياز الظالم وهذا الجنوح المؤلم نخب تتلقى تعليمها في كبرى الجامعات والمعاهد والكليات، وفي تخصصات علمية نادرة وهو ما يعني أنهم في مرحلة تعليمية عالية، ورغم هذا يتمكن تنظيم إرهابي يسفك الدم ببرودة أعصاب، ولا يميز بين الطفل ولا المقاتل ولا بين الرجل المسن أو غيره، بل تنظيم خارج التاريخ تماماً عندما يخطف النساء، ويقوم بسبيهن وبيعهن كأنهن سلع، وهذا جميعه حدث ويحدث على يد تنظيم مثل ما يسمى داعش، هذا التنظيم يقوم بتجنيد فتيات وشباب في مقتبل العمر من مختلف الدول حتى الأوروبية، قبل أيام قرأت خبراً عن طالب طب من إحدى دول الخليج كان في واحدة من أهم الجامعات الغربية في بعثة تعليمية من بلاده، وفجأة تنقطع أخباره، وبالتقصي تظهر الأخبار بأنه سافر نحو داعش وانضم لهذا التنظيم المتطرف. طالب طب يفترض فيه وفي مهنته أن من أهم واجباتها إنقاذ حياة الناس ومعالجة جراحهم ومداواة آلامهم، يذهب لتنظيم يسفك الدم البريء ويتسبب في تشريد الأطفال والنساء والقضاء على الأخضر والتسبب في بؤس الإنسان، فأين العقل من مثل هذا الشاب؟ بل كيف تمكن شخص يمارس هوايته الإجرامية وهو ملتحف بالخوف يخشى النور مثل الخفاش، أقول كيف تتمكن مثل هذه الخفافيش على شبكة الإنترنت من التأثير في كثير من الفتيات والشباب وبكل هذه البساطة تجندهم، هنا أتساءل عن العقل الإنساني المتطور، العقل الذي شرب العلوم واطلع على الحضارة وعاشها كيف أنتكس وتراجع وتدمَّر وعاد للعصر الحجري، كيف لهذا العقل أن اقتنع وأرخى السمع لمثل هذه الأصوات الظلامية القاتمة. ولكنني عندما أتصفح موقعاً مثل "تويتر"، وأجد كل تلك السموم، وكل ذلك الغثاء من الكلمات السوداوية المحملة بالتطرف والكراهية أدرك أن هؤلاء لديهم رغبة في رؤية الدمار في كل مجتمع، لديهم شهوة غريبة لسفك الدماء والتدمير، جولة على مواقع التواصل ستبلغكم بحجم مشكلتهم ومدى ضررهم، هذا الضرر الذي تنبهت له دول أوروبية وبدأت في محاكمة أبنائها الذين حاولوا الانضمام لمثل هذه التنظيمات الإرهابية، وأعتقد جازمة أنه يقع علينا عبء أكبر في مكافحة هذه الأصوات النشاز، ومحاربتها، وذلك بسن المزيد من الأنظمة والقوانين التي تجرِّم التعاطف مع الفكر الضال وتحرِّم ترويج أفكاره.. وقبل هذا وبعده يجب علينا جميعاً أن نظل نسأل لماذا هناك فئات وإن كانت قليلة تلتحق بتلك الجماعات الإرهابية؟!

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.