3

:: أليأس؟ إنتحارٌ بطيء! - إحلم، يا رجل! (17) ::

   
 

التاريخ : 15/02/2015

الكاتب : إيلي مارون خليل   عدد القراءات : 1525

 


 

 

 

       إحلم! يا رجل! يا صديقي.

       ألنّاس، إجمالًا، إمّا متفائلون، وإمّا متشائمون!

       ألمتفائلون: متفائلون كثيرًا، ودائمًا، وربّما من دون أسباب. متفائلون قليلًا لأسباب قليلة تكمن في مناسَبات محدَّدة. ومتفائلون نادرًا، وهؤلاء آنيّون غيرُ ناضجين؛ هم من حالة إلى حالة ينتقلون، وأسباب ذلك يجهلون. وهي الفئة الأكثر سوءًا. ومن الطّبيعيّ أن يكون لكلّ فئةٍ صفاتُها والمَزايا، ما يجعلها على اختلافٍ طافٍحٍ واضح. ولهذا حديثٌ آخر.   سأكتفي، اليومَ، بِحديثٍ عن فئةٍ منَ المُتشائمين. وهؤلاء كثيرون. متشائمون، وقد لا يكونون عارفين الأسبابَ! والمتشائمون في المناسبات الحزينة، السّوداء، إلّا أنّهم سريعًا ما يتراجعون. حين يعودون إلى نفوسهم وعقولهم ينسَون الأحزانَ، ويتنسّمون هواء الفرح. والمتشائمون كلّ آن، على أسبابِ لتشاؤمهم، يغوصون، عنها يبحثون. هم متشائمون، بطبيعتهم، يفتّشون عن أسبابٍ لتشاؤمهم.  

       والمتشائمُ الدّائمُ لا تبريرَ له. كلّ إنسانٍ، بالنّسبة إليه، سيّئٌ، أو خبيثٌ، أو حسودٌ، أو حقود، أو غادرٌ، أو ناكرٌ الجميلَ، أو ما شابه. وهذا المتشائم، بطبيعته إذًا، لا أملَ يؤمَّل، عنده، في صَلاح، ولا رجاء يُرجى في زمن، أيِّ زمن. إنّه مريضٌ نفسيٌّ بامتياز!

       إحلم، يا رجل! فقد تقع على متشائمٍ حتّى اليأس. فكيف تتصرّف معه، تجاهَه؟ أم أنت تنصرفُ عنه، لا صبرَ لك على السَّوداويّين، اليائسين، المُتَطَيِّرين!؟

       إن كان هذا موقفُك، يا رجلُ، فإنّي لك عاذرٌ، ومن أعماق القلب! كيف يُحتَمَل الشّاكي الأبديّ، الأبديّ الدّمع، الأبديُّ الرّؤية السّوداءِ، الأبديُّ الإحساسِ بالّلاجَدوى...!؟

       صحيح! كيف يستطيع أحدُنا ذلك؟ لكن، مَن قال إنّ أحدًا يستطيع!؟

       ذلك أنّ اليأسَ مرضان: روحيّ ــ نفسيّ، ومادّيّ ــ جسديّ! يُصيبُ عديمي الطّموح، عديمي الرّؤيا، عديمي التّطوُّر! كما أنّه مرض غيرِ المؤمن! ييأس، هذا، لأنّ لا رجاءَ له بخلود النّفس. حياة وتنتهي، ولا شيء بعد ذلك! ومرضُ مَن يفتقد الحُبّ، أو لا يؤمن به، أو لا يستطيع أن يُحِب... ويكره الأحلام!

       قلنا إنّ اليأس عدوُّ الطّموح، فمَن لا طموحَ له، لا حقيقة مستقبليّة له. بلا معنى، حياتُه تنسحبُ منه، بلا جَدوى، بلا نكهة. ومَن لا رؤيا واضحة له، ينسلّ، منه، عمرُه متخبّطًا في أوحال الواقعِ الفواجِعيّ، كمَن يحيا في لبنان الحاليّ، لا يؤمن بالخروج ممّا هو فيه!

       واليائسُ غيرُ مؤمن بالتّطوّر. يَلتحِف بسوداويّته وتَطَيُّرِه، فتخرج المَصائبُ منه، من أعماق كيانه والرّوح، فتواجهُه مع رياح الخارج، فكيف يرى الألوان، ويتنشّقُ الهواء، ويفرح بالوجود!؟ ومَن لا يُحِبّ، من أين له السّعادة تنبثقُ منه، وتنسكِبُ عليه، تغمرُه بالنّشوة، بها يرتقي، وبمَن يُحِبّ، فإذا الحياةُ نعمةٌ، والعمرُ وردتُها!

       إحلم، يا رجل! لا تيأس! لا تعِشْ موتًا بطيئًا، هذا انتحارٌ يوميّ!

       إحلم أنّه لا مواقف ميؤوس منها! هنالك أناسٌ ييأسون من قدرتهم! من قدرتهم على الأحلام! لا تكن منهم. إحلم! فكلّ خَلْقٍ، كلُّ إبداعٍ، هو ابنٌ للأحلام!

       إحلمْ!

ألسّبت 27/أيلول/2014      

 

إحلم، يا رجل! (16)

إحلم، تُنقذ نفسَك من بطء الزّمن!

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.