3

:: لماذا نغضب؟ ::

   
 

التاريخ : 26/12/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1137

 


 

 

كثير من الغضب الذي يعتري يومنا ليس مصدره خطأ وقعت فيه هنا أو هناك، ولا هو غضب بسبب عدم فهمك أو تقصيرك، بل في معظم الأحيان هو غضب خارجي بعيد تماماً عنك، وبالتالي ليس الهدف من هذا الغضب وتناميه فائدتك، يولد غضبك بسبب شخص متهوّر في الشارع أو بسبب كلمات ظلم قيلت بحقّك أو بسبب سوء فهم أو سوء ظنّ، أو حتى حكم الآخرين عليك دون دقّة، أو حتى التساؤل منك، ويكون غضبك بسبب إهدار جهدك وتعبك على يد شخص غير مسؤول.

ومن هذا يتّضح أن غضبك مصدره الآخرون وليس نفسك. في مرة كانت تحكي إحدى الصديقات وهي أم لثلاثة أطفال، تقول «إنه من النادر أن أغضب، لكن في إحدى الليالي أصرّ أطفالي على أن أسهر معهم لوقت متأخر من الليل، تقول ظللت مستيقظة حتى الثانية صباحاً، وأنا غير معتادة السهر، عندما استيقظت في السابعة صباحاً، كنت غاضبة، ولا أعرف لماذا أنا غاضبة».

ولأني أعرف صديقتي وأعلم تماماً بأنها من النادر أن تغضب، فأدركت عندها أنه فعلاً لم يكن هناك سبب مقنع لغضبها، ولأنها لا تعلم بأنها غاضبة لأن جسدها ما زال متعباً ومرهقاً، فهو لم يعتد السهر والاستيقاظ مبكراً. وما أريد الوصول إليه أننا نغضب أو تظهر مشاعر الغضب منا بسبب عوامل خارجية دوماً، بمعنى لا يمكن أن تكون في حالة مزاجية معتدلة، وفجأة تعتريك مشاعر الغضب والنرفزة، هذا غير معقول، أو خلال مشاهدتك لفيلم ممتع، وفجأة تقوم وأنت تصرخ غضباً، هل هذا معقول؟ إذاً، الغضب دوماً يحتاج إلى عامل ومولّد للسبب حتى يظهر ويخرج، فهو لا يأتي بشكل عفوي ودون أن نعلم به، بل إنه يلبسنا تماماً، فما هو الحل؟ هل نعتزل الناس ونبتعد عنهم؟

بطبيعة الحال هذا غير ممكن، فضلاً عن أنه ليس حلاً ملائماً، ما دمتَ تعيش الحياة الاجتماعية، وتستيقظ وتذهب في رحلة يومية إلى مقر عملك وتعود، فمن المؤكد أن المنغّصات عدة وعوامل إثارت مشاعر الغضب متنوعة، ولا سبيل أمامك وأمامنا جميعاً إلا التعاطي والتعامل مع مثل هذا الواقع، بمعنى ندرّب أنفسنا على كيفية التعامل مع غضبنا، وكيف نديره، وكيف نوظّف هجمته وطاقته للمزيد من الإنجاز، ونتذكر دوماً أن الغضب يسبب لنا أمراضاً نحن في غنى عنها تماماً.

لندرب أنفسنا على الهدوء والتعاطي مع الحياة بمرونة.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.