3

:: التورّط مع الخطاب المتطرّف ::

   
 

التاريخ : 14/12/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1313

 


 

 

 

 عندما تشاهد كل هذه الجرائم التي تحدث وتُرتكب بحق الإنسانية والقيم المجتمعية، وكل الدمار الذي يحدث في كثير من دول العالم، بل وفي دول عدة من عالمنا العربي، تتساءل عن العقل، أين هو؟ أين هذا العقل الذي ميز اللـه سبحانه وتعالى الإنسان به عن كثير من الحيوانات؟ بخصائص التنبُّه واليقظة والفهم والتفكُّر والاستلهام، ورغم هذا يغيب عن واقعية ما يحدث ويضع حججاً وبراهين على وجاهة الذي يفعله.

ثم أسأل، لماذا بعض الشباب في عدد من الدول يقعون فريسة سهلة تحت تأثير الخطاب الإرهابي المتطرف؟ لماذا نُخَبٌ تتورّط في الانحياز الظالم وهذا الجنوح المؤلم؟ نُخَبٌ تتلقّى تعليمها في كبرى الجامعات والمعاهد والكليات وفي تخصّصات علمية نادرة، وهو ما يعني أنهم في مرحلة تعليمية عالية، ورغم هذا يتمكن منهم تنظيم إرهابي يسفك الدم ببرودة أعصاب ولا يميز بين الطفل ولا المقاتل ولا بين الرجل المسنّ أو غيره، بل تنظيم خارج التاريخ تماماً عندما يخطف النساء ويقوم بسبيهنّ وبيعهنّ كأنهنّ سلعٌ، وهذا جميعه حدث ويحدث على يد تنظيم مثل ما يسمى داعش.

هذا التنظيم يجنّد فتيات وشباباً في مقتبل العمر من مختلف الدول حتى الأوروبية. كيف تمكّن شخص يمارس هوايته الإجرامية وهو ملتحف الخوف يخشى النور مثل الخفاش، أقول كيف تتمكن مثل هذه الخفافيش على شبكة الإنترنت من تجنيد والتأثير في كثير من الفتيات والشباب وبكل هذه البساطة؟

هنا أتساءل عن العقل الإنساني المتطور، العقل الذي شرب العلوم واطّلع على الحضارة وعاشها.. كيف انتكس وتراجع وتدمّر وعاد للعصر الحجري؟ كيف لهذا العقل أن اقتنع وأرخى السمع لمثل هذه الأصوات الظلامية القاتمة؟

ولكنني عندما أتصفّح موقعاً مثل تويتر، وأجد كل تلك السموم، وكل ذلك الغثاء من الكلمات السوداوية المحمّلة بالتطرّف والكراهية أدرك أن هؤلاء لديهم رغبة لرؤية الدمار في كل مجتمع، لديهم شهوة غريبة في سفك الدماء والتدمير، جولة على مواقع التواصل ستبلغكم بحجم مشكلتهم بمدى ضررهم.

هذا الضرر الذي تنبّهت له دول أوروبية وبدأت في محاكمة أبنائها الذين حاولوا الانضمام إلى مثل هذه التنظيمات الإرهابية، وأعتقد جازمة بأنه يقع علينا عبءٌ أكبر في مكافحة هذه الأصوات النشاز ومحاربتها، وذلك بسَنّ المزيد من الأنظمة والقوانين التي تجرّم التعاطف مع الفكر الضالّ وتحرّم ترويج أفكاره. وفي نفس الوقت، لابدّ من تطوير مناهجنا الدراسية وتغذيتها بقيم المحبة والسلام، والمحبةُ من قيم الإسلام الحقيقية.

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.