3

:: إلا عداوة من عاداك من حسد ::

   
 

التاريخ : 19/11/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1129

 


 

 

 

 تخيّلْ أن تجمعك الظروف بمجموعة من الناس في حافلة أو قطار أو طائرة أو في صالة انتظار ونحوها، ثم يبدؤون بالحديث عنك وعن أفكارك وسياساتك وتطلعاتك وأنت صامت، بينما الحوار بينهم محتدٌّ ومحتدم، هذا يحلّلُ شخصيتَك وذاك يحلّلُ أفكارَك والثالث يتحدث عن رؤيتك، وفي أحيان يتّفقون على بعض المعلومات ويعتبرونها حقيقة تامة تتعلّق بك، ومرّاتٍ يختلفون مع بعضهم حول نقطة تخصك وتمسّ حياتك الشخصية، وأنت صامت تنظر إلى هذا مرة وذاك مرة، وهكذا وظيفتك الصمت والتنقُّل بالنظر بينهم، وخلال صمتك تدرك أن جميع ما يطرحونه أبعد ما يكون حتى عن ملامسة أدنى حقيقة تخصُّك، بل حتى تلك المواضيع التي يتّفقون حولها غير صحيحة، بل هي بعيدة تماماً عن شخصيتك.
هذا على المستوى الشخصي والفردي، ماذا لو كان الحديث عن وطنك وبلادك ومنجزاتك وتقدُّمها الحضاري وقيم الحب والتسامح والسلام، تأتي ثُلّةٌ من المجهولين يختفون خلف أسماء مزوّرة، ثم يتبادلون أطراف الحديث عن وطنك، فهذا يورِدُ معلومة وآخر يؤكّدها والثالث يعاتب الأول، لأنها معلومة ناقصة ويضيف المزيد من الأكاذيب، ملامحُ مثلُ هذا الزّيف تجده على تويتر وفي فيسبوك وغيرها، تجد موضوعاً برمته من الأكاذيب ويشترك فيه العشرات بالحوار وتبادل المعلومات، وكما يقول المثل العامي "شدّلي واقطعلك" بمعنى طرف يورد معلومة غير حقيقية، كذبة كبيرة لا تبلع. ويأتي الآخر يصحّح المعلومة بكذبة أخفّ حتى تمرّ ويتمُّ بلعُها، والواحد من هؤلاء يملك عشرة حسابات على الأقل. ولو افترضنا فقط خمسة أو ثلاثة فتحوا موضوعاً برمّته غير صحيح، لتحدثوا فيه طوال أسبوع أو شهر..

هذا واقعٌ نشاهده ونقرؤه يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي.. أحد هؤلاء سُئل: هل ذهبت إلى الإمارات من قبل؟ فقال إنه سبق أن عاش ثلاث سنوات في دبي، وبسؤال بسيط فشل في تحديد المكان الذي عاش فيه السنوات الثلاث، بل فشل في تحديد اسم الشارع الذي سكنه طوال ثلاث سنوات. ببساطة هؤلاء تماماً يتحدثون عن بلادنا دون معرفتها لا يحركهم إلا الحقد والحسد. وصدق قول العالم الزاهد من العصر العباسي، عبداللـه بن المبارك:

كلُّ العـــداوة  قد تُـرجى إمـــــــــــاتتُها    إلا عـــداوة من عـاداك من حسَــــدِ
فإنّ في القلب منهـا عقدَةً عقِـدَت     ولـيسَ يفتحُهــا راقٍ إلــــى الأبــــــــــــدِ
إلا الإلــــــهُ  فإن يرحم تحَـــــــلَّ بـــــه    وإن أبـــــــاهُ فلا ترجـــــــوهُ من أحــــــدِ

 

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.