3

:: الثقة بالنفس والغرور معضلة الفهم! ::

   
 

التاريخ : 19/11/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1155

 


 

 

 

لدينا عدة مفاهيم غير دقيقة تتعلق بعدم التفريق بين جملة من المواضيع الحياتية، حتى تلك التي تمسّ وتتقاطع مع تعاملاتنا اليومية، والمشكلة الحقيقية هي عدم الرغبة في التطوير والسعي نحو اكتساب المعرفة وتنمية الثقافة بما ينقصنا من علوم ومعارف. وأحسب أن هذا بالتحديد لبّ القضية وهي عدم الرغبة بالمعرفة أو عدم محاولة فهمها أو حتى السعي نحوها والتعرف إليها. مناسبة هذه الكلمات إحدى الصديقات التي شكت لي صديقة أخرى اسمها عائشة، لأنها نصحتها بأن تكون مغرورة حتى يحترمها الآخرون! ولأني أعرف عائشة وأدرك تماماً المستوى التعليمي والثقافي الذي تتمتّع به، أدركت منذ الوهلة الأولى أن هناك لبساً وخطأ ما.

بعد تدقيقٍ وتقصٍّ، كانت صديقتنا عائشة تنصحها بأن تكافئ نفسها، وألا تجعل من اهتماماتها عامة بشكل دائم حتى لا تكون مطحنة تكسر خلالها طموحاتها وتطلعاتها الذاتية. للوهلة الأولى عندما تسمع مثل هذه الكلمات تحسب أن الذي يحدثك يدعوك لتصبح أنانياً وأن تبدّل سلوكك وأخلاقك وأن تقسو على المقرّبين منك وعلى الناس. غني عن القول إن مثل هذا الجانب غير وارد، أو أن المقصود بطبيعة الحال مختلف كلياً عن مثل هذا الجنوح الأخلاقي، ذلك أن العطاء ومساعدة الآخرين والإيثار قيم نبيلة وجميلة ونتمنى تناميها وانتشارها، ولا يمكن أن يوجد إنسان يتمتع بأدنى درجات الإنسانية ويعتبرها صفات سيئة أو مؤذية أو يدعو للتقليل منها. لكن الذي كانت تشير له عائشة جانب مختلف تماماً وله أهمية بالغة وهو يتعلّق بتقدير النفس، ومكافأتها.

دوماً نسمع ونقرأ عن التغلب على النفس ومحاربة تطلّعات ورغبات النفس.. إلخ. لكننا قلما نقرأ عن كيفية مكافأة هذه النفس خاصة مع معرفتنا أن أكثر الأشخاص الذين يفتقرون لتقدير النفس تجدهم دوماً في مشاكل وصعوبات بالغة في عدة مراحل من حياتهم، سواء في المنزل أو المدرسة أو العمل أو مع الأصدقاء والأقارب وفي كل مناسبة اجتماعية، والذي أقصد بتقدير النفس هو تنمية احترامك، بل وتعظيم الشعور بقيمتك كإنسان له تطلعات وأفكار وطموحات، وتبعاً لهذا فإنك بالتالي من حقك أن تشعر بالاحترام بل وبتميز أفكارك سواء على المستوى الشخصي أو العام وبالتالي فإن منجزاتك تستحق الإشادة والتقدير.

من علامات عدم تقدير النفس كما يوردها علماء التربية والنفس، عدم قبول المديح، وهذا يأتي بعدة صور مثل عدم الارتياح عندما يقوم أحدهم بمدحك، أو عدم معرفة الردّ المناسب على شخص يقوم بمدحك، إن محاولة التقليل من نفسك عندما يقوم أحدهم بمدحك ومن ثم التقليل من منجزاتك يُعَدُّ خطأ فادحاً نرتكبه بحق أنفسنا. تقبل المديح لا يعني الاقتناع به لو كان غير دقيق أو غير صحيح أو في غير محله، لكن العلاج لا يأتي بالمواجهة والرفض. نقطة أخرى يمكن ملاحظتها لدى الذين لا يتمتعون بثقة في النفس، وهي أنهم دوماً يقللون من أنفسهم فهم دائماً يتحدثون عن أنفسهم بسلبية وتقليل من منجزاتهم وأفكارهم. الهوة كبيرة بين الغرور وتقدير الذات، بل الفرق شاسع، والمطلوب مكافأة النفس، لأن هذا خير دافع للمزيد من النجاح والتفوق لا أكثر ولا أقل.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.