3

:: ليس حزن النفس إلا وهماً لا يدوم ::

   
 

التاريخ : 29/10/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1241

 


 

 

 

جميعنا نعاني بطريقة أو أخرى، يتساوى في المعاناة الجميع، الغنيُّ والفقير الكبيرُ والصغير. هناك من ينقصهم المال، وهناك من هو بحاجة للحنان والحب والعائلة، وهناك من يفتقد الأم أو الأب أو الأخ أو الأخت أو الصديق، وهناك من يبحث عن وظيفة دون كلل أو ملل، وهناك من هو بحاجة للعلاج والدواء، وهناك من يتطلع للنجاح في مدرسته أو جامعته، وهناك من يكسوه ويغطيه الهمّ بسبب عدم ترقيته أو حصوله على علاوة، وهناك الذي لا يجد مأوى أو طعاماً لأطفاله.
هناك قائمة طويلة لا تنتهي من الرغبات والآمال والهموم والمتطلبات لدينا جميعاً، من الذي يعيش في هذه الحياة دون رغبة، دون تطلّع، دون هدف، دون حاجة يريد الحصول عليها؟ جميعنا نركض هنا وهناك ونسعى من هنا وهناك، بيننا من يقوم بهذا السعي بأخلاق وحبّ وتفهّم لرغبات الآخرين، وهناك من ضميره في إجازة فيؤذي رفاق الطريق ويقسو على كل من يقترب منه، ومرة أخرى هذه سنّةٌ من سِنَنِ الله في الخلق، لكن من المهم أن نعي تماماً أننا في سعينا هذا لسنا وحدنا، بل هناك أناس يشاركوننا الرغبة والهم والأمل، وهم أيضاً يسعون ولهم أهداف وطموحات يريدون تحقيقها.

لنتخلص من الأنانية ومحاولة إزاحة من يشاركنا الطريق، لا تنافس بعدوانية وحقد، وإنما بحبٍّ، وتمنٍّ الخير للآخرين كما تحبه لنفسك، بهذه الطريقة وحدها تستطيع أن تكسب وتنتصر بل أن تجد ضالتك وتحقق أهدافك، أما الضرب في الظهر ومحاولة قهر الآخرين والنيل منهم وهم في غفلة عنك فهي ليست شطارة أو مهارة بقدر ما أنها أخلاق متواضعة وضمير ميت أو يحتضر. حتى حزننا بسبب خسارة ما يجب أن يكون إيجابياً ومفيداً، هو إيجابي في تقدير أحزان الآخرين وتعظيم مشاعرهم، وإيجابي بأن نفهم معنى ما بين أيدينا ونشكر المولى عليه.

إنها دعوة من القلب للتفاؤل والنظر للحياة بإيجابية وفرحة، في هذا السياق أذكر أبياتاً شعرية جميلة وعذبة لجبران خليل جبران، يقول فيها: «ليس حزن النفس إلا.. ظل وهم لا يدوم، وغيوم النفس تبدو.. من ثناياها النجوم».

ّفلنعطر يومنا وأزماننا بقيمة التفاؤل وحب الخير للجميع، ولا نحول رغباتنا وتطلعاتنا وكل ما نريده لأوامر مصيرية إما أن تتحقق أو يكسونا الهمّ والأرق، لأن هذا سيحولنا لكائنات مادية بشكل تام وصرف وبحت، وهو الذي لا يليق بأرواحنا وعقولنا التي وهبها لنا الله وميزنا بها.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.