3

:: ما الذي يطفئ الشغف بالعلم؟ ::

   
 

التاريخ : 25/10/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 2091

 


 

 

 

نسمع عن فتيات وفتيان يحصدون تقديرات عالية خلال مسيرتهم الدراسية، بل ينهون المرحلة الجامعية بتفوق، ثم يحصلون على وظائف وأعمال، ثم تنطفئ شعلة التفوّق في قلوبهم وتخمد نار الحماس والاجتهاد، وبالتالي كأن هدفهم، طوال مسيرتهم الدراسية، كان "الوظيفة" فحسب، وعندما تحقّقت انتهى كل شيء أو توقّفت مهمّتُهم.

دون شكّ إن هذه النظرة خاطئة تماماً، بل هي نظرة مؤسفة ولكنها واقع نعيشه وموجود، على سبيل المثال فتاة أنهت المرحلة الثانوية علمياً بتفوُّق ومن الأوائل، ثم أنهت المرحلة الجامعية في تخصُّص الفيزياء أيضاً بتقدير امتياز، ثم نشاهدها وقد كانت أسمى أمنياتها أن تكون معلّمة رغم أن تفوُّقها كان سيقودها لأن تحصل على الماجستير ثم الدكتوراة، ومن يعلم قد تكون مشروعاً لعالمةٍ في الفيزياء تعمل في مختبرات ومعامل وتحاول أن تبتكر وتخترع، ولكن أياً من هذا لم يحدث.

طالبٌ آخر لديه، منذ نعومة أظفاره، شغفٌ بالمحركات ويحاول منذ طفولته اكتشافها، وكبر هذا الشغف معه، وبات مهندسَ البيت، يتعلّم بسرعة كل شيء يتعلّق بالمحركات والآلات، يدخل المدرسة فتجد درجاته المدرسية عالية ولا تهبط أبداً، جميع تقديراته في الامتياز، الجميع يتنبّأ له بمستقبل باهر ومتميز، ثم ينهي الجامعة بشهادة الهندسة، فيذهب للعمل في إحدى الشركات وفي وظيفة إدارية، فيدفن كل هذا التاريخ الزاهر ويقتل شغف الطفولة وأحلامها، بل يتجنّى على كل تلك الأحلام الماضية وينسى جميع الآلات التي كسرها وهو يحاول إصلاحها، نسي كم جهازاً قام بفتحه ومحاولة فك براغيه جميعها ثم العودة لتركيبها!

والنماذج عديدة وكثيرة جداً، ليس في بلد من البلاد العربية وحسب بل في عالمنا العربي بأسره، ينتهي الشغف بالعلم ويموت ويتوقّف أمام أول محطة وظيفية، فننسى كم حلِمْنا بأن نخترع ونبتكر. هذا يجعلني أسأل: "أين الخلل؟" بل "من هو السبب؟"، هل هي الأسرة التي وقفت عاجزة عن تغذية أحلام طفلهم بالأمل، أم هي المدرسة التي تهتم بالتلقين والحفظ على حساب المعرفة والفهم. لا بد أن يكون هناك خلل، وحتى يتم اكتشافه فإن الجميع مسؤول بطريقة أو أخرى، لكن من المستحيل بحق أن لا يكون من بين كل هذه الأعداد المهولة من أطفالنا مبتكرون وموهوبون إلا تلك الأعداد القليلة المحدودة، رغم توفر كل الإمكانات وجميع الفرص متاحة. إنها دعوة للمزيد من العمل بين أوساط الفتيات والشباب وتلمُّس المبدعين من بينهم ودعمهم وتقديمهم وتشجيع أفكارهم لأنهم المستقبل الحقيقي.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.