3

:: خرافة الوقت الضيق ::

   
 

التاريخ : 20/09/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1215

 


 

 

 

تصدمك بشكل يومي تقريباً مقولاتٌ تسمعها من البعض بأنه مشغول جداً ووقته مزحوم لدرجة كبيرة، ولكنك تلاحظ خصوصاً إذا كان هذا الشخص يشاركك العمل أو يسكن معك في المنزل نفسه، أنه يمضي أوقاتاً كثيرة فيما لا طائل منه أو فيما لا فائدة فيه. لكن المذهل بحق أنك تلمس أن أمثال هؤلاء مقتنعون تماماً بقصة ضيق الوقت وانشغالهم الدائم.

البعض منهم وصل لدرجة كبيرة في تصديق خرافة الوقت الضيق، حتى عندما تحدّثه عن عمل غداً ينظر لك بذهول ويخرج هاتفه الجوال ويبدأ في تصفح جدول المواعيد، ثم يقول لك «مستحيل غداً ولا حتى بعد غد، جدولي مزحوم جداً». تضحك تماماً لأنه في الحقيقة يفوت فرصة على نفسه، وما أقصده أن هذه العينات ومن أجل "البرستيج" تفقد فرصاً كثيرة، فلو كنت تريد خدمته فإنك دون شك ستنسحب أمام صلفه وكبريائه الزائف وتقول «خلِّ الكذب ينفعك»، خصوصاً وأنت تعلم أن لا شغلَ لديه ولا مشغلة، وأن معظم وقته في النوم أو التسكُّع، هذا موجود مع الأسف سواء في الأوساط الرجالية أو النسائية. لذلك أسمّيها ظاهرة عندما أقول انتشار ظاهرة ادّعاء الانشغال وإظهار مدى الازدحام وكثرة الاتصالات والأهمية.

تحكي لنا صديقة، وهي مدير في إحدى الإدارات، أن أحد موظفيها كان دوماً يدع الهاتف الجوال يرنّ خلال الاجتماعات ليستأذن في الخروج وقطع الاجتماع والردّ بحجّة أنها أعمال. المفاجأة ظهرت فيما بعد عندما تمّ اكتشاف أن هذا الموظف يضع منبّهاً يدقُّ كل عشر أو خمس دقائق، هو أراد أن يظهر نفسه بأنه مزحوم، والكل يطلب مشورته ورأيه الإداري. ولا أجد أبلغ من كلمات قالها الفيلسوف الشهير فولتير: «هناك أربع طرق لإضاعة الوقت، الفراغ والإهمال وإساءة العمل والعمل في غير وقته». وإذا أمعنّا النظر في آخرها، وخصوصاً عنصري إساءة العمل والعمل في غير وقته، فسنجد أننا متورطون تماماً في إضاعة الوقت لا ضيقه، والبعض يتفنّن في الاعتذار وكثرة الانشغال وهو يعاني من مساحة من الفراغ لا يعلم حجمها إلا الله.

أعتقد أن هذه بسبب عدم المعرفة بأهمية الوقت، وكذلك عدم المعرفة بكيفية إدارة الوقت والأولويات، كم نحتاج لدورات تدريبية في كيفية العمل وبماذا نبدأ وكيف نوزّع وقتنا فيما فيه خير لنا. يجب أن نغرس تعظيم الوقت ونتعلم أهميته إذا كنا نريد فعلاً الإنتاجية الصحيحة.

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.