3

:: حظر الأحاديث السياسية في المدارس المصرية ::

   
 

التاريخ : 10/09/2014

الكاتب : د. أحمد الخميسي   عدد القراءات : 1159

 


 


في 20 سبتمبر الحالي تفتح الجامعات والمدارس المصرية أبوابها لأكثر من عشرين مليون تلميذ ونحو مليوني طالب. شعب بأكمله يتجه لتلقي العلم.

عن أية علوم لا علاقة لها بالعصر الحديث.. وعن أية طريقة في التعليم يدور الحديث؟ في الوقت الذي لا نرى فيه أية رؤية وطنية أو فكرية تحكم المواد والمناهج والأساليب وتجمع التعليم في ضوء واضح. وبينما يبلغ الإنفاق على فوائد وأقساط الديون 173 مليار جنيه، أي 35% من الموازنة، فإن الإنفاق على التعليم لا يتجاوز 64 ملياراً من موازنة عامة تصل لحوالي خمسمئة مليار. نحن إذن في مواجهة غياب منهج وغياب تعليم وضعف إنفاق. أضف إلى هذا التعليمات المشدّدة التي صدرت مؤخرا بحظر أية أحاديث سياسية داخل المدارس ومساءلة كل من يخالف ذلك سواء من المعلمين أو الإدارات أو التلاميذ. ومجددا أكد وزير التربية محمود أبو النصر في حديث للأهرام أن "السياسة محظورة وممنوعة فى المدارس، ومن يريد أن يمارس السياسة فليكن ذلك خارج أسوارها".

ويعود بنا ذلك الحظر إلى عهد الملك فاروق حين أصدرت وزارة محمد محمود باشا بإيعاز من الانجليز القانون رقم 22 لسنة 1929 لحفظ النظام في معاهد التعليم، ومن ضمن ماجاء فيه أنه: "يعاقب بالحبس.. كل من دعا تلاميذ وطلبة المدارس إلى تأليف لجان أو حضور اجتماعات سياسية أو احتجاجات بشأن مسائل أو أمور ذات صبغة سياسية". مع ذلك تحدّى الطلاب ذلك الحظر وصولا إلى اللجنة الوطنية للطلبة والعمال عام 1946 التي مهّدت الأرض لثورة يوليو. وإذا كان الوزير يسعى لمنع الأحاديث السياسية فلماذا يدعو إلى: "التشديد على الانتماء والولاء فى الحصة الأولى التى تشهد نبذة عن مشروع قناة السويس الجديدة والاهتمام بتحية العلم والنشيد الوطني". أليس ذلك من الشؤون السياسية؟. لقد برّر البعض صدور قرار الوزير بأنه جاء "لمنع طلاب جماعة الإخون من الترويج لأفكارهم المتشددة". لكن هل يصلح المنع وسيلة للتصدّي لنشر الأفكار الإرهابية؟.  

قد أثبتت التجربة التاريخية أن الحظر والمنع لا ينفع بشيء، كما أن مواجهة الجذور الفكرية للإرهاب لا تتم بإبعاد الطلاب والتلاميذ عن السياسة بل بإقحامهم في السياسة وغرس رؤىً وقيمٍ أخرى بديلة في نفوسهم وعقولهم. مشكلة الوزارة أنه ليس لديها ما تغرسه في العقول ليزهر بدلا من أشواك الكراهية والتطرف. وحينئذ يصبح "الحظر" أسهل الطرق لتغطية العجز. والمعنى الوحيد لحظر الأحاديث السياسية أنه ليس لدى الدولة أية نظرية تعليمية متماسكة تواجه بها الفكر الإخواني الإرهابي. ومن المؤسف أن نقرأ تصريحات للبعض يقول فيها إن "الطاقة التي قد يصرفها الطلاب في الجدل السياسي يمكن تفريغها في الرياضة"! لأن تلك دعوة لبناء حمير ذويى العضلات وليس طلبة يرسمون مستقبل مصر ويحلمون بإزدهارها ورقيها. لم نكن نتوقع – بعد انتفاضتين شعبيتين بمساهمة طلابية – حظر النشاط السياسي على أكثر من عشرين مليون طالب، لولا انخراطهم في السياسة ما وصل وزير التربية إلى منصبه الحالي! تحتاج السياسة التعليمية إلى رؤية أخرى بعيدة عن "الحل الأمني" بصفته علاجا لكل مشكلة. تحتاج إلى المزيد من الإنفاق على التعليم وتطويره وإفساح المجال الديمقراطي للتفكير والتفاعل، وليس لعزل نحو خِمس الشعب المصري عن المشاركة في تقرير مستقبله!

أحمد الخميسي. كاتب مصري

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.