3

:: فاطمة المزروعي ::

   
 

التاريخ : 02/09/2014

الكاتب : قالوها قديماً الجار الجار   عدد القراءات : 1124

 



 

 

جاء في الأمثال أن الجار قبل الدار، وتوجد قصة في تراثنا العربي تحكي دوماً عن رجل يهودي، كان مجاوراً لعبدالله بن المبارك، وهو من العلماء، وأراد هذا الجار أن يبيع بيته، فقيل له: بكم تبيع البيت؟ قال: بألفين، قيل له: دارُك لا تساوي إلا ألفاً واحداً فلم طلبت الألفين؟ قال: صدقتم لكن ألفاً للدار وألفاً لجوار عبدالله بن المبارك.. وقبل هذه القصة جاءت عدة أحاديث نبوية تحثُّ على مراعاة الجوار وحسن الخلق، لعلّ من أشهرها قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". وهذا الاهتمام والعناية بالجار تجدها في كل ثقافة وفي كل أمة من أمم الأرض، حيث توجد حكمة نرويجية جميلة وبليغة تقول: "أحب جارك ولكن لا تهدم الجدار الفاصل بينكما". وحكمة أخرى من روسيا عميقة المعنى تقول: "من يرمِ الشوك لدى جاره ينبت في حديقته". وهناك إرث إنساني طويل بالغ الأهمية في حقوق الجار وكيفية التعامل معه ستجده في كل حضارة.

في هذا العصر تجاوزت أهمية الجار لتصل للأروقة العلمية حول أثر الجيران في الصحة البدنية والنفسية، فقد نشر في دورية «علم الأوبئة وصحة المجتمع» أن أكثر من خمسة آلاف من كبار السن، لم يسبق معاناتهم من أمراض القلب، لفترة أربعة أعوام أخضعوا للمشاركة في استبيان بشأن مدى الاندماج والترابط بالمجتمع المحيط بهم، وعما إذا كان الجيران ودودين ومتعاونين ويمكن الوثوق بهم. ووجدت الدراسة أن المشاركين الذين استوفى جيرانهم تلك المعايير، هم الأقل عرضة للإصابة بـ «النوبة القلبية» التي أصيب بها نحو 148 مشاركاً خلال الدراسة.

ويقول الباحثون إن المجتمعات المترابطة ربما تعزّز وتشجّع نمطاً محدّداً من السلوكيات تحمي القلب والأوعية الدموية من الضرر، وفي الحقيقة لو سألت أو أتوقع لو سأل أي منا عن أثر الجار في الصحة لما احتجنا لمثل هذه الدراسة لأنها ماثلة في حياتنا يومياً، فتخيّل لديك جار مؤذٍ، يقف بسيارته أمام منزلك ويغلق مدخلك الوحيد، أو ضجيجه يملأ الشارع، فضلاً عن سوء لسانه وخلقه، ألم يكن لمثل هذا التوتر اليومي نتيجة على الصحة؟ بطبيعة الحال سيكون هناك أثر بالغ وخطير، ونعلم أن هناك قصصاً لأناس باعوا منازلهم وانتقلوا لمنازل أخرى وتحمّلوا خسائر مادية كبيرة والسبب سوء الجار والأذى الذي كان يسببه لهم.. فهل بعد هذا يمكن أن ننتظر نتائج دراسة علمية؟

 

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.