3

:: الإِيزيديُّـون والحقُّ بـنُـور الشمس أزرار 854 ::

   
 

التاريخ : 08/08/2014

الكاتب : هنري زغيب   عدد القراءات : 1299

 


 

 

 

       "سيّدي الرئيس: نُطالب الـﭙـرلمان العراقيّ بالتدخُّل الفوريّ لإِيقاف هذه المذبحة! بعد 72 حملة إِبادة جماعية على الإِيزيديين  تتكرّر مجدداً في القرن الحادي والعشرين، ويُـبادُ دينٌ كاملٌ عن وجه الأَرض".

       بهذه الاستغاثة الجريحة خاطبَتْ رئيسَ البرلمان العراقي سيدةٌ إِيزيديةٌ من أَعضائه بعدما هجم الداعشيون على قضاء سنجار (غربي نينوى) يقتلون سكان المدينة الآمنين في منطقة جبلية نائية هجرها سكانها الشيعة والمسيحيون.

       والأَزيديون نحو 500 أَلف في كلّ العالم، معظمُهم في العراق، يتكلّمون الكردية، ويؤْمنون بإِلهٍ واحدٍ يُصَلُّون له ثلاث مرات يومياً متوجِّهين إِلى الشمس.

       هي ذي أَقلية أُخرى في الشرق تهدِّدها سطوة الإِرهاب الداعشيّ ولا تجد مَن يهرع إِلى إِنقاذها باسم حقوق الإِنسان.

       حقوق الإِنسان؟ أَبحَث في نصوص الأَمم المتحدة، أَجد لجنةً خاصة بــ"حماية الأَقليات ضدّ إِجراءات التمييز التعسُّفية" تأَسست سنة 1977 وأَعلَنت "ضرورة تأْمين الحياة الكريمة للأَقليات ووجودها الحُر وهويتها الخاصة ومساواتها مع سائر مكوّنات المجتمع ومشاركتها في الحياة العامة".

       أَفتح "إِعلان الأُمم المتحدة للأَقليات" الصادر سنة 1992 وأَقرأُ في مادته الأُولى: "الأَقليات جماعةٌ ذاتُ هوية خاصة وطنية أَو إِتنية أَو ثقافية أَو دينية أَو لغوية، على الدول أَن تحمي وجودَها لتزاول تقاليدَها ودينَها ولغتَها بكُلّ حريةٍ وبدون تَدَخُّل خارجي".

       لكنّ ما يجري يناقض تماماً "موجباتٍ" و"بُـنوداً" تسعى إِليها الأُمم المتحدة وتوزِّعها على الدوَل كي تلتزم بها وتعمل بموجبها. فهذه جماعة طائحة طائشة داعشة تفتك بالناس في العراق وسوريا وتَبلُغ لبنان، تستورد الهلع إِلى السكان، تستنفر جميع الأَجهزة للتصدّي، ولا يتناهى من الدوَل (المفترَض تدخُّلُها) سوى الاستنكار والأَسف والدعوة إِلى ضبط النفْس، وفي بادرة قصوى (فرنسا نموذجاً) تفتح باب الهجرة لاستقبال المهجَّرين اللاجئين النازحين من بيوتهم وقراهم ومدنهم ووطنهم.

       شكراً لــ"أَسف" الدوَل الكريمة! ولكن ما نفعُها جميعِها تلك النصوص التي حدَّدت مشكورةً هُوية الأَقليات وأَكّدت على حمايتها وضرورة الحفاظ على كينونتها الخاصة في محيطها؟

       هل تكفي نداءاتُ بان كي مون لــ"وقف القتال والتعدّيات"؟

       هل تكفي اجتماعاتُ الأُمم المتحدة لـ"بحث التطوُّرات"؟

       الأَقليّات في الشرق تواجهُ خطر الإِبادة، والقرارُ في الغرب يأْسف ويدعو إِلى ضبط النفْس.

       وما جرى في الموصل وسنجار، وتمدَّد حتى عرسال لبنان، قد يتمدَّد إِلى جميع الدوَل، وهو تهديدٌ صارخٌ لا لحقوق الإِنسان وحسْب بل لقُدرة الإِنسان على لَـجْم وُحوشٍ في غابةٍ مفترسةٍ ليست معنيّةً أَبداً بــ"نصوص" العُقلاء الـمُسالـمين في مكاتب الأُمم المتحدة.

 

يتمّ نشر هذا المقال بالتزامن مع نشره في صحيفة "النهار" بتاريخ 8 آب 2014

 

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.