3

:: الأفلام تصنع ثقافة ::

   
 

التاريخ : 27/07/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1317

 


 

 

 

دار نقاش طويل وحوار لم يتوقف حول أثر الأفلام في تكوين الشخصية وتشكيلها، وفي الوقت الذي كنا منذ نحو عقدين أو أكثر مشغولين بأثر هذه الصناعة على الهوية العربية، خصوصاً كلما أنتج فيلم يظهر فيه العربي بأنه إنسان مختلف عن ركب الحضارة الإنسانية وأنه ينتمي للصحراء وفي صور يُتعمد فيها التشويه، هوليوود أنتجت عدة أفلام لم يكن العربي فيها إلا شخصية متخلفة قاسية، لكن هذه الحساسية المفرطة أنستنا أن هذه الصناعة لم تسلم منها أية أمة من أمم الأرض، لم تسلم من تصنيفها ونقدها، فقد مسّت بجانب العرب أممٌ أخرى كالصينيين واليابانيين والألمان والفرنسيين والهنود وغيرهم كثير.
لكن معظم هذه الأمم كانت ردّة فعلها مختلفة عن الغضب العربي، بل كانت ردّة فعل حضارية تمثّلت في إنشاء صناعتها المستقلة في مجال الأفلام ليس لترد اعتبارها أمام الأفلام الأمريكية التي أظهرتها بسخرية أو بغير حقيقتها، بل قاموا بإنشاء صناعة سينمائية تهدف أولاً لتعزيز قيمهم ونشر ثقافتهم، لتدافع عن وجودهم الحضاري، بمعنى لم يذهبوا للهجوم وإنتاج أفلام للحطّ من قدر الآخرين، بل ركزوا على إنتاج ينمّي ثقافة الأجيال بتقدمهم.

وغني عن القول، إنهم قد نجحوا في هذا بطريقة أو أخرى أو على الأقل بات لها موضع قدم في هذه الصناعة الكبيرة، لعلّ بوليود الهند خير مثال يمكن أن يساق في هذا المجال.

في عالمنا العربي كنا مشغولين بالتحريم والتجريم، مشغولين بالتأكيد أن هذه الصناعة يقف خلفها أعداء الأمة العربية، كانت الصحف كلما عرضت فيلماً فيه عربي بصورة سيئة تبدأ المقالات التي تشتم وتؤكد نظرية المؤامرة، وطوال هذه السنوات لم يخرج لنا مشروع عربي ضخم يؤسّس لصناعة سينمائية عربية قوية يكون إنتاجها مدوياً بحجم حضارتنا وقيمنا بحجم وجودنا في هذا العالم، والسبب أن هناك من أشغلنا طوال سنوات بالتحريم والتحذير.

وسط مثل هذا الوضع لا أعلم كيف يمكن أن تظهر صناعة سينمائية قوية تدافع عن قضايانا المصيرية وتظهر هويتنا العربية للعالم.. أقول هذه الكلمات، لأنني أعتبر الوطن العربي برمَّته والخليج العربي، بصفة خاصة، وطناً لي، أريده دوماً أقوى وأكثر ازدهاراً.

 

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.