3

:: المعرفة والثقافة عدوة الظلام ::

   
 

التاريخ : 21/07/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1254

 


 

 

 

       عندما بدأ في عالم الإنسان ظهور للنجم المقيت وهو التطرف على مختلف توجهاته وآرائه وأفكاره، لم يكن حالة محدودة اختصت بها أمة من أمم الأرض أو بلد من العالم دون سواها، بل كان التطرف والعنف عنواناً لكل مفلس لا يستطيع مقاومة الحقيقة ومعاركتها في ميدان النقاش والحوار، لذا يلجأ أرباب النظرة السوداوية الهدامة والضالة للعنف والقوة والقسوة لفرض وجهات نظرهم المقيتة. وكما أسلفت فإن هذه الممارسة لا تختص ببلد دون سواه أو بعقيدة دون أخرى، فعلى مستوى الأديان جميعها سواء أكانت سماوية كاليهودية أو المسيحية أو الإسلام أو كانت غير ذلك من معتقدات أخرى جميعُها ظهر من بين أبنائها مَن انحرف فكرة وتطرف في عمله..

ما حير علماء العلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية دائماً هو كيف يستطيع أصحاب الوهن والإفلاس الترويج وكسب الأنصار حتى يقوموا في مرحلة بالهجوم وسفك الدماء البريئة وترويع المجتمعات. غني عن القول إن هناك إرثاً إنسانياً كاملاً درس مثل هذه النماذج وتم تحليل الكثير من الحركات الظالمة التي كانت تستمد قوتها من الفساد والكذب وترويع الآمنين، لكنْ أكاد أجزم بأن هناك نقطة أساسية أجمع عليها الكثير من العلماء سواء في القدم أو خلال العصر الراهن، وهذه النقطة تُعَدُّ واحدة من أهم أسباب انحراف الكثير، وبالتالي الإصغاء للأصوات النشاز، وهي المستوى الفكري والتحصين المعرفي والعلمي لدى كل فرد..

أقول المعرفة والثقافة، لأنك – مع الأسف – قد تجد من بين هؤلاء المتطرفين من يحمل شهادة عليا، لكنه مفلس معرفياً لديه شحٌّ ثقافي كبير.. ومن هنا ندرك أن التعليم بحدِّ ذاته لم يكن سياجاً أو مانعاً من تسرب هؤلاء المرضى ومحاولتهم التأثير على العقول خصوصاً الصغيرة المقبلة على الحياة بحماس واندفاع دون تفكير وخبرة، فيتم إلهاب حماسهم بالمزيد من الأكاذيب وتجنيدهم لتنفيذ ما يريدون تحقيقه من أحلام مريضة..

إن أولى خطوات مقاومة أي انحراف فكري، أو وأد أي فكرة مشوهة في مهدها لا يأتي إلا بتحصينٍ معرفيٍّ ونموٍّ للثقافة وانتشارها، هذا هو الحلُّ والسبيل.. إذا كنا نعتقد في وهلة من الزمن أننا في معزل عن أي أثر لانحراف الأفكار والآراء وتطرفها فنحن نكرر الأخطاء التي وقعت فيها الأمم والشعوب والمجتمعات الأخرى التي اكتوت بنار التطرف والإرهاب.. علينا ونحن نهتم بتقوية التعليم أن ترادفها برامجُ معرفية ثقافية تغذي العقول بمعنى الحياة الحقيقي ومعنى خدمة الإنسانية ومعنى السلام للجميع.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.