3

:: أدباء من معسكر القتــلـــة ::

   
 

التاريخ : 27/06/2014

الكاتب : د. أحمد الخميسي   عدد القراءات : 1174

 


 

 

 

 كان الأديب الألماني كافكا يقول إن الكتابة هي أن تهجر معسكر القتلة، أي أن دور الأديب هو الانتصار للحياة والنماء والعدل والجمال. إلا أن تاريخ الأدب عرف حالات قليلة جدا تطوع فيها أدباء بالانضمام إلي معسكر القتلة أعداء الحياة، كان أشهرها روديارد كبلنج الذي أيّد ودعم التوسع الاستعماري البريطاني ومجد مجازر الجنود البريطانيين ونال رغم ذلك أو بفضل ذلك جائزة نوبل. واليوم نجد لدينا كاتبين مصريين يدقان طبول تمجيد المجازر وفتح الأبواب أمام الفاشية. الأول على سالم صديق إسرائيل الأشهر الذي دعا في مقال بعنوان "جماعة شرف البوليس" إلى تصفية خصوم الدولة (يقصد الإخوان) خارج إطار القانون بدون محاكمات قائلا "هل ما أطلبه فيه عدوان على القانون؟ نعم.. ما أطلبه ليس قانونيا ولكنه عادل"! وعندما مرّ ذلك المقال الإجرامي من دون تعليق يذكر تشجع نصار عبدالله فدعا إلى تصفية أطفال الشوارع في مصر بالرصاص تحت عنوان "الحل البرازيلي"! وقدم عبد الله ما حدث في البرازيل مع أطفال الشوارع ليس بصفته جريمة فردية بل بصفته حلا سياسيا معتمدا أفضى لتقدُّم البرازيل وعلينا الاقتداء به لكي نتطورَ ونحلَّ كل مشكلاتنا! وبينما يقترح علينا على سالم أن نرمي بالقانون جانبا وأن تقوم الشرطة بتشكيل جماعة خارج إطار القانون لتصفية خصومها، فإن نصار عبد الله يقترح تصفية أطفال الشوارع خارج القانون أيضا عوضا عن الحل الحقيقي الذي قدمته البرازيل تحت عنوان "الأطفال يريدون المستقبل" بالاعتماد على توفير الحماية الاجتماعية لأطفال الشوارع والسكن والمشروعات التجارية الصغيرة والأنشطة الترفيهية وإعادة تأهيل الأطفال لدمجهم في المجتمع. لكن نصار عبد الله ترك كل ذلك وتوقّف عند جرائم فردية ارتكبت في حق أطفال شوارع البرازيل وقدمها إلينا بصفتها حلاً رشيداً يشير إلى "توفر إرادة الإصلاح لدي القيادة السياسية التي حوّلت البرازيل من اقتصاد موشك على الإفلاس إلى واحد من أهم قوى نظم الاقتصاد العالمى"!

ووفقا لمنطق نصار عبد الله وعلى سالم فإن علينا كلما واجهتنا مشكلة أن نتخلّص من البشر بالقتل خارج أي إطار قانوني وليس من المشكلة، وهكذا يتعين علينا أن نقتل المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة والعاطلين وخصوم الدولة السياسيين لأنهم عبء على المجتمع والدولة والاقتصاد! وعلى امتداد حياتي لم أسمع قطّ بدعوة إجرامية كتلك يصل فيها الإجرام حدّ المناداة بقتل الأطفال واغتيال الخصوم السياسيين! وإذا دقّقنا النظر فسوف نرى في تلك الدعوة اقتراحا بالفاشية وفتح الأبواب أمامها لتحكم من دون قانون أو دستور أو ضابط. وحسب احصائيات اليونيسيف فإن عدد أطفال الشوارع بمصر يترواح ما بين مئتي ألف إلى مليون طفل، يدعونا نصار عبد الله إلى قتلهم لكي نتطور! أما الأخوان الذين يدعونا على سالم لتصفيتهم خارج القانون فإن عددهم مع أنصارهم لا يقل عن مئتي ألف! إننا إزاء دعوة إجرامية لهدم الدستور والقانون والأخذ بالفاشية التي عرفت طريقها إلى مصر مبكّرا مع حزب مصر الفتاة كصدى للفاشية الإيطالية والنازية الألمانية. يقترح علينا على سالم ونصار عبد الله نظام حكم فاشي، وهما لا يقترحانه علينا نحن بل يقدمانه أساسا للدولة هدية من معسكر القتلة الذين يتغنّون بجمال المجازر تحت شرفة الفاشية!

***

أحمد الخميسي. كاتب مصري

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.