3

:: جسد وعقل الطفل العربي ::

   
 

التاريخ : 23/06/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1451

 


 

 

 

على مستوى العالم وفي جميع دوله تقريباً وضعت أنظمة وقوانين لحماية الطفولة من مختلف أنواع المخاطر، منها الحماية من الاستغلال على مختلف أنواعه، والحماية من الإيذاء، وغيرهما كثير، بل باتت منظمات دولية ترصد مثل تلك الانتهاكات وتحاول وضع الحلول وسن المزيد من القوانين.

       وهذه الجهود جميلة ونحتاج إلى تكثيفها والعمل على أن تكون واقعاً في كثير من دول العالم، فالأطفال في سنواتهم الأولى يفتحون أعينهم بصفحة بيضاء نقية على الحياة والناس، فيعتبرون الجميع خيرين وطيبين، لذا هم بحاجة دوماً إلى التعلم وإلى مزيد من الإصغاء لكلماتهم، ودوماً العمل على تنمية ثقافتهم ومعارفهم الحياتية.

وغني عن القول أن الأبوين تقع عليهما مسؤولية جسيمة في هذا الإطار، فهما المعلم الأول والملقن الأول لهذا الطفل، بعدهما تبدأ مؤسسات المجتمع الأخرى كالمدرسة في أداء رسالتها نحو هذا الصغير، بتلقينه سلوكيات وأخلاقيات مجتمعه وقيمه ومبادئه.

وفي الحقيقية أن هناك من مؤسسات المجتمع ما تقع عليها مسؤولية كبيرة في جوانب أخرى مثل صناعة ثقافة الطفل أو صناعة وسائل الترفيه المناسبة للسن التي يعيشها، ووضع برامج يتم خلالها ترسيخ وتعميق قيمنا العربية وثقافتنا وهويتنا، وغرس هذه القيم في عقل وقلب هذا الطفل، وأعتقد أن من عوامل الحماية منح هذا الجانب المزيد من العناية والاهتمام. قبل أيام وقعت بين يديًّ دراسة ميدانية قام بها الدكتور عاطف عدلي العبد، وعبد التواب يوسف، للمجلس العربي للطفولة والتنمية، وشملت ثلاث عشرة دولة عربية جاء فيها "إن معظم البرامج الموجهة إلى الطفل العربي في التلفزيونات هي أجنبية، وبشكل خاص الرسوم المتحركة التي عدتها معظم الدراسات الأكثر جذباً للأطفال، مع تسجيل غياب كبير لتبادل البرامج التي تتعلق بالطفل من البلاد العربية، كما أن غياب استراتيجيات عربية واضحة للنهوض بالإنتاج السمعي البصري الموجه للطفل العربي أتاح لمعظم المحطات العربية، وللأسف، سدّ هذا الفراغ الكبير، باستيراد برامج الأطفال المدبلجة للغة العربية، وأن غالبية هذه البرامج لا تعكس مشاكلنا ولا قيمنا، بل على العكس، فهي تحمل في طياتها الكثير من الصور المزيفة والمشوهة للواقع ورموزه". هذه الدراسة تبين حجم المشكلة التي يعانيها العقل العربي، وأنها شاملة، فالذي يحدث أننا نترك مثل هذه البرامج المستوردة والتي تمّت دبلجتها لأغراض تجارية صرفة، لتعرض يوميا أمام أعين أطفالنا فتغذيهم بمفاهيم خاطئة وقيم مستوردة لا تمت لواقعنا بأي صلة، بل هي بعيدة عن ثقافتنا ومبادئنا الحياتية، ويكبر هذا الطفل على مثل هذا الزخم المعلوماتي المشوه، ثم نسأل لماذا أطفالنا لا يهتمون بثقافتهم؟ أو لماذا يتجاهلون إرثهم الحضاري؟

       وفي الحقيقية نحن من أوصلهم لهذه الحالة الفكرية، عندما لم نقدم لهم الحماية التي يحتاجون إليها في هذا المجال، لقد ركزنا جلّ عنايتنا على حمايتهم الجسدية وأهملنا حمايتهم الذهنية والفكرية، وهذا من اكبر الأخطاء التي نستمر حتى اليوم في ارتكابها، نحن نحتاج إلى نظام وآلية متكاملة لحماية الطفل العربي تبدأ من مولده وتشمل الجسد والفكر، ونريد برامج وتطبيقات حديثة على أجهزة الاتصالات الذكية تخاطب هذا العقل الصغير بلغته الأم وفيها قيمنا وثقافتنا، فالذي يحدث اليوم خطير وله عواقب في المستقبل القريب، ويجب أن نبدأ العمل على معالجة هذا الخلل.

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.