3

:: التحرُّش بالنساء في مصر! ::

   
 

التاريخ : 18/06/2014

الكاتب : د. أحمد الخميسي   عدد القراءات : 1542

 


 

 

 

التحرُّش قضية مركبة ذات أبعاد مختلفة، ولهذا فإن مواجهة التحرُّش تستلزم أيضا حلولا عديدة تترافق مع بعضها البعض. من الناحية القانونية لابدَّ من تغليظ العقوبات، وتحديد أشدَّ دقّة لمفهوم التحرُّش. من الناحية الاجتماعية لابدّ من نشر الوعي بوضاعة التحرُّش وذلك عبر التلفزيون أساساً لأنه يشكل المصدر الرئيسي لثقافة العامة. إلا أن جذور التحرُّش ستظلّ ممتدة ضاربة في أرض أخرى وأعنى التربية والتعليم، ولا يمكن بتر هذه الجذور إلا بتربية أخرى. لابدّ من وضع منهج تربوي يتضمن كتباً وأفلاماً قصيرة وقصائد وتاريخ تؤكد وترسخ للتلاميذ الصغار حقيقة أن المرأة هي أخت وأم وزميلة ومواطنة وصديقة. أقول هذا لأنني أرى أنه في اللاوعي لدي معظم أبنائنا تربض نظرة استهانة صغيرة أو كبيرة بالمرأة. وقد آن الأوان لتغيير تلك النظرة بالتربية، باستحداث مادة تشتمل على قصيدة صلاح جاهين الجميلة "البنات ألطف الكائنات"، وقصيدة حافظ إبراهيم العظيمة الشهيرة عن نساء ثورة 19 "فطلعن مثل كواكب يسطعن في وسط الدجنة.. وأخذن يجتزن الطريق ودار سعد قصدهن". ولابدّ لتلك المادة المستحدثة أن تشتمل أيضا على كل الآيات التي تنص على احترام المرأة في القرآن الكريم والانجيل وهي كثيرة، وعلى موجز أو النصوص الكاملة من الروايات والأعمال الأدبية التي تبرز دور المرأة في التاريخ والكفاح المصري مثل رواية "الباب المفتوح" للطيفة الزيات، ومسرحية "جميلة بوحريد" لعبد الرحمن الشرقاوي وسيرة حياة النساء العظيمات في العالم مثل الكاتبة هارييت بيتشر سو التي كتبت رواية "كوخ العم توم" دفاعا عن حرية ملايين العبيد الزنوج، وما إن نشرت روايتها عام 1852 حتى أشعلت روح الحرية في العبيد، وعندما التقى بها الرئيس الأمريكي لينكولن قال لها "أنت إذن المرأة الصغيرة التي أشعلت حربا كبيرة؟"، وسيرة حياة "لاريسا رايسنر" التي أعطت إشارة انتصار الثورة الروسية عام 1917، وكانوا يطلقون عليها المرأة الأسطورة. وأن تتضمّن تلك المادة سيرة النساء المصريات اللواتي كنّ يقدن المظاهرات والاحتجاجات عبر تاريخ الكفاح الوطني، وفي مقدمتهن شهيدات 25 يناير: رحمة محسن، وزكية محمد، ومريم مكرم، ومهير خليل زكي، وهدى صابر، وسالى مجدي زهران، وأميرة اسماعيل، ورشا جنيدي. لابد أن تستقر في وعي التلاميذ الصغار صورة شفيقة محمد أول شهيدة في ثورة 19 ومعها حميدة خليل، وصورة د. سميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية. لابدّ أن تستقر في وعي التلاميذ منذ الصغر صورة لطيفة النادي أول قائدة مصرية لطائرة عام 1933. لابدّ لضمائر الصغار أن تتشبّع بالدور الاجتماعي الذي قامت به هدى شعراوي، والدور الأدبي الكبير الذي قامت به قوت القلوب الدمرداشية وعائشة التيمورية وغيرهن. من دون تربية جديدة ستظل نظرة الاستهانة بالمرأة كامنة في وعي الصغار، فلا يرون في المرأة سوى كائن جنسي أو كائن خلق للخدمة المنزلية، وليس زميلة وأختا وصديقة تمضى مع الرجل كتفا بكتف لخلق حياة جديدة. نحن أحوج ما نكون لإعادة تربية أبنائنا بدءا من المدرسة بكتب ومناهج وأغنيات وقصائد وروايات وأفلام تغرس الوعي بقيمة المرأة ودورها.

أحمد الخميسي. كاتب مصري

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.