3

:: لغة الحب والناس! ::

   
 

التاريخ : 12/06/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1379

 


 

 

 

أعتقد أن الكلمات الرقيقة انزوت أو تضاءلت مساحتها، بسبب عدة مؤثرات حياتية، ومن دون شك فإن هناك فهماً خطأ، ينتج مباشرة عندما تعبّر لأحدهم عن امتنانك وعرفانك له بجميل قدّمه لك، وكأن الناس من شدة عطشها لسماع كلمات رقيقة معبّرة، باتت تجنح في تفكيرها. لكن الحقيقية أن في مجتمعاتنا العربية، بصفة عامة، يوجد فقرٌ في المشاعر، وباتت تعاملاتنا وسلوكياتنا أشبه ما تكون بالقاسية، والجافّة فلا تحمل مشاعر أو أحاسيس. على سبيل المثال، قد تسمع في اليوم الواحد كلمة شكراً عدة مرات، لكنها لا تشكّل لديك أي فرق أو لن تجذب اهتمامك، ولكنك تتوقّف مليّاً عندما تصدر هذه الكلمة من قلب صادق في نطقها، والتعبير بها، وهذا الجانب تحديداً، الذي أريد وضع اليد عليه، وهو الصدق في كلمات العرفان والشكر، الصدق في التعبير عنها، الصدق في قولها من القلب.

وفي الحقيقية ليس في التعبير عن الامتنان وحسب نحتاج للغة المشاعر، بل أحسب أننا بحاجة أن تهمين علينا المشاعر الطبية الرقيقة الكريمة البعيدة عن التشنّج والغضب، نحن بحاجة لمشاعر محمّلة بالهدوء، أمام كل هذا الضجيج، الذي يحيط بعالم اليوم، نحن بحاجة لنملأ حياتنا بالإلفة، بدلاً عن الفرقة والابتعاد، بحاجة للتفاهم مع بعضنا بعضاً، وأن نجعل يومنا سواء في مقارّ أعمالنا، أو في منازلنا أو في المواقع العامة، يوماً جميلاً، فيه سعادة وتفاهم، بعيداً عن التوتر وما يتبعه من تراكمات جسيمة، تؤثّر حتى في الصحة الجسدية والنفسية معاً.

في عملك لا بأس أن تكون متحدّثاً أمام موظفّيك، توجّه، وتنفّذ، وتخطّط، ولكن أيضاً عليك أن تصغي لمقترحات هؤلاء الموظفين وتطلعاتهم وآرائهم، وفي منزلك من الجيد أن تُشعر أطفالك بالحب والحنان في ثنايا كلماتك وتوجيهك لهم، ولكن أيضاً استمعْ لشكواهم ولطلباتهم، وناقشْهم وحاورْهم ولا تقمع أو تقاطع أحدهم، فكما تؤذيك الكلمات وتجرحك بعض الجمل، التي تقال بحقّك، فإن الآخرين أيضًا لهم نفس المشاعر والأحاسيس، لذلك انتقِ واخترْ ما تسرد من كلمات بدقة وحرفية، ولا تؤذ أيّ إنسان، وستجد أن هذا الفعل النبيل سيرتدُّ عليك، وأن الآخرين سيكونون أمامك حذرين، يحترمونك لأنك دوماً تحترمهم.

ما المشكلة في أن نبتسم، وأن نهشّ، وتكون وجوهنا باشّة أمام الآخرين؟ خاصة أن هذا الفعل سيجعلنا أكثر قبولاً لدى كل من يقابلنا. ما المعضلة التي تمنعنا في تقديم العون والمساعدة للآخرين؟ خاصة أن هذه المساعدة لن تكلّفنا شيئاً، أو لن تأخذ من وقتنا الكثير، بل قد تكون بالنسبة لنا سهلة جداً.

والذي أريد الوصول له ببساطة؛ لماذا نركّز على الكلمات في التعبير عن مشاعرنا، وهي جامدة مجرّدة، بينما يمكن لأفعالنا أن تقول الكثير، وتنطق بالكثير، ويكون وقعها أكبر ونتائجها أجمل وأعظم، لنطوّر لغة الحب، لتكون واقعاً اجتماعياً نعيشه ونحياه يومياً، وأنا متأكدة أن الفائدة العظيمة ستكون لصالحنا نحن أولاً، وستبتعد كثير من أمراض العصر عن قلوبنا وأجسادنا، لنحول كلمات الحب لفعل حقيقي على أرض الواقع بأخلاقنا مع الجميع من دون استثناء، ومن دون تمييز أو انتظار مقابل أو مردود.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.