3

:: لماذا يخاف الروائيون من هذا السؤال؟!! ::

   
 

التاريخ : 10/03/2014

الكاتب : فاطمة المزروعي   عدد القراءات : 1401

 


 

 

 

أكاد أجزم وبعض الجزم إثم (على وزن بعض الظنّ إثم) أن أكثر الأسئلة التي تتردّد على الروائي أو الروائية سواء من المحيط القريب منه أو من القراء وأيضا من بعض الصحفيين والنقاد: هل روايتك عبارة عن سيرة ذاتية لحياتك؟ أو هل هذه الرواية تتقاطع مع مفاصل وأحداث حقيقة عايشتَها في حياتك؟ طبيعي أن تتفاوت إجابات الروائيين وفلسفتهم للردّ على مثل هذا التساؤل، ورغم تفاوت مثل هذه الإجابات من النفي المطلق إلى النفي الجزئي، وذلك حسب الرواية وما جاء فيها من أحداث، سواء كانت بطولية أو فضائحية أو غيرها. ليست هنا المعضلة إنما مشكلة هذا التساؤل أنه يأتي في معظم الأحيان بصيغة إنكارية ولا يحمل أية دلالة استفهامية، بمعنى أن هناك رفضاً للرواية وما جاء في أنساقها من أحداث ومواقف لشخوصها وتصويراتها، لذا يسقط إنكاره ورفضه على المؤلف بطريقة غير مباشرة عندما يوجه مثل هذا السؤال، ولا تتوقف عملية الرفض والإنكار عند هذا السؤال، إنما هو يفتح الشهية بمزيد من التساؤلات الأكثر رفضاً وتهكّماً، فتجد الراوي تحول من الإجابة عن سؤال بسيط إلى الدفاع عن مضامين وروح عمله الروائي.

لكن، لنكن أكثر تحديداً.. هل كتابة السيرة الذاتية بشفافية ووضوح تُعَدُّ فضيحة؟ أم انها نوع من الأنساق الأدبية المعروفة؟ الغرب التقط هذا الفن (السيرة الذاتية) منذ عقود وطوّره واحتفى به، وعدها البعض الأصدق والأكثر تأثير، بينما في الوطن العربي بصفة عامة والخليج بصفة خاصة اصطدمت رواية السيرة، بالعادات والتقاليد والخوف من العيب وتجاوز المحظور، لذا ليس من الغريب أن يبادر المؤلف للتأكيد أن عمله الروائي لا يمتُّ له بأية صلة.

برغم هذه الحالة الانكارية من بعض الروائيين فإن فنَّ رواية السيرة موجود على الساحة وللعديد من النقاد والباحثين كلمات ودراسات وكتب حوله، بل هناك من نفى أن تكون كتابة السيرة حكراً على الرواية مؤكّدا أنها قد تتعدّاها الى أنماط أدبية أخرى. الناقد جابر عصفور في كتابة (زمن الرواية) يرى أن فنّ السيرة قد يميل الى طرف التخييل، فتهيمن عليه الوظيفة الأدبية.. وتصل الى النقطة التي تتحول فيها الى عمل من أعمال القصّ. وهو ما يقود الى تجنيس نوع من انواع الرواية تحت اسم رواية السيرة الذاتية- وهي الرواية التي تنطوي على حياة كاتبها.

بينما قال فابيرو أن السيرة الذاتية: عمل أدبي، قد يكون رواية أو قصيدة، أو مقالة فلسفية يعرض فيه المؤلف أفكاره، ويصور إحساساته بشكل ضمني أو صريح.

كما يظهر أن هناك عدة سنوات يجب أن تمضي قبل أن نتمكن من استيعاب هذا النوع الأدبي وقبل تفهم جوانبه ومن ثم قبوله والترحيب به. هو تساؤل صغير أخير يتردّد في ذهني بإلحاح بالغ، لماذا حالة الرفض والإقصاء هي الحالة المسيطرة على العقلية العربية ومنها العقلية النخبوية المثقفة أحيانا.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.