3

:: مسرح الطفل في لبنان ... "كلمة السر" هي: المحبة ::

   
 

التاريخ : 23/01/2014

الكاتب : ميشلين حبيب   عدد القراءات : 2163

 


 

 

 

الحمد لله ما زال مسرح الطفل في لبنان بألف خير.

هذا ما شعرت به بعد مشاهدتي لمسرحيتيCasting  مع مريم ومسرحية Le Mot Secret على مسرح الأوديون. المسرحيتان من كتابة جيزيل هاشم زرد التي ما تزال مستمرة في عطائها المحّب للطفل، والإخراج لماري لين زرد مصابني.

لم تختلف المسرحيتان عما عوّدتنا عليه زرد في كتاباتها للطفل من روح المحبة والرسالة الهادفة بصدق وبطريقة مسلية مبتعدة عن الوعظ معتمدة على اشراك الطفل في مجريات المسرحية والتفاعل مع رسالتها وتلقّيها تلقائياً.  وتجدر الإشارة إلى شيء مهم جداً في مسرح جيزيل هاشم زرد هو التطرق إلى العنف والأذى والشر ولكن بشكل سريع وبسيط ولطيف يلفت النظر ولكن لا يتوقف عنده؛ فهي إذاً لا تصور عالماً خالياً من الواقعية وإنما تركز على عالم نريده ونتصوره ونسعى إلى عيشه. تنضح المسرحيتان باحترام القيم، والطفل، والفن، والمسرح، والروح، والخيال، والوطن فتصل الرسالة إلى الطفل والحاضر معه بلطف وتدخل إلى العمق.

أما إخراج ماري لين زرد مصابني فقد أضفى على المسرحيتين لمسة فنية جميلة جداً ومحترفة جداً لا يمكن إلا ملاحظتها.

تركز مسرحية Casting مع مريم، التي هي باللغة العربية، على أهمية الحلم والأمل والحب الذي يحتاجه الجميع، وتضيء على الخوف الذي يجرح السلام ويمنع الأحلام من التحقق. تتمحور المسرحية حول عمل المسرح والـcasting اي اختيار الممثلين، وتبين للأطفال أن عمل المسرح يتطلب تعباً وجهداً وتحضيراً، وأن عملية اختيار الممثلين ليست سهلة كما أن عمل الممثلين ليس سهلاً أيضاً. وأن العمل المسرحي يحتاج الى منتج يمده بالمال ليصبح مسرحية تعرض ويتمكن الأطفال من مشاهدتها. وهو يتضمن أحياناً خيبات أمل وإخلاف بالوعد كما يحصل مع مخرجة المسرحية التي تتخلى عنها البطلة في آخر لحظة وتتركها حائرة وقلقة حول إيجاد بديل عنها. وهنا تقوم مريم مساعدة المخرجة بهذا الدور وتذهل المخرجة والمنتج الذي حضر ليرى المسرحية فيعجب بها جداً ويوافق على إنتاج المسرحية. هكذا تحقق مريم حلمها الذي أتتها فرصة تحقيقه فجأة.

تحضّر لمّا يوصل دورك

لتبرهن إنك مسؤول

كلمة مش ممكن ما تقول.

 تحضّر بكل لحظة،

دورك عن فرح غيرك مسؤول.

هذه بضعة أسطر من إحدى أغنيات المسرحية وهي تعبّر عن أهمية الحلم في حياة الانسان والى أنه قادر على تحقيقه بالتحضير والأمل.

لم تفارق البسمة وجهي من أول المسرحية إلى آخرها. ولاحظت أن الكبار كانوا مأخوذين بالمسرحية مثل مرافقيهم الصغار. وقال لي بعض الصغار من الحضور أنهم أحبوا المسرحية بكاملها وليس جزءاً معيناً منها. وهم على حق إذ أن المسرحية متكاملة من حيث الفكرة الهادفة والموسيقى والرقص والأغاني والتمثيل والإخراج والديكور والأزياء الجميلة. وقد نُفّذت كلها باحترافية عالية. كما أن الممثلون جيدون ويجذبون انتباه الأطفال واهتمامهم بسهولة.

أما مسرحية Le Mot Secret والتي عُرضت باللغة العربية تحت عنوان كلمة السر سنة 1991 فقد أعادت ماري لين مصابني إحياءها باللغة الفرنسية وأضفت عليها بعض التغييرات البسيطة بحيث تتماشى مع يومنا الحاضر وجعلتها بإخراجها أقرب إلى طفل اليوم دون الابتعاد عن رسالتها وجوهرها الأصليين.

تدور المسرحية حول المحبة وهي كلمة السر التي يجب أن تحزرها مريم بطلة المسرحية لتخلّص أصدقاءها. تلامس مسرحية Le Mot Secret القلب وتتركنا مع مسحة جمال وحب تبقى معنا عندما نترك المسرح.

هي لا شك على مستوى عال وعالمي. عرضت في فرنسا على مسرح Le Theatre des  Congrès  وأشادت بها الصحافة الفرنسية كثيراً. فيها احترافية عالية بالأزياء والإخراج والديكور، رائعة ومسلية ومفيدة وهادفة وتربوية، تعلم المثابرة والشجاعة والصداقة وأمور عن حيوانات الثلج مثل الدب الأبيض وفيل البحر والفقمة والبطاريق. وتعلم Le Mot Secret أيضاً الاعتذار والصداقة والمحبة وأهمية القلب النقي والابتعاد عن ما يمنع كل ذلك وهو خمسة أشياء وضعتها زرد بشكل خمسة حزازير تحلّها مريم لتصل إلى كلمة السر وتخلص أصدقاءها وهي: السرقة، الكسل، الشراهة، الحشرية والتكبر. تتطرق أيضا إلى التربية المدنية والرياضيات والأدب والسلوك الحسن ويتفاعل الأطفال مع هذا الجزء بشكل كبير إذ يتطلب مشاركتهم لمساعدة الفقمات الكسولة في إعطاء الإجابة الصحيحة.

في النهاية لا أتمنى إلا شيئاً واحداً فقط، أن تصرف الأموال على دعم مسرح الطفل وعلى الثقافة بشكل عام بدل هدرها على ثقافة السرقة واللامبالاة والهدم.

اصطحبوا أطفالكم إلى المسرح فستبنون بذلك أبناءً مثقفين وأفراداً راقيين يتعلمون السلام ويعرفون كيف يعيشونه في المستقبل، ومسرح جيزيل هاشم زرد أفضل وجهة لذلك.

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.