3

:: صحوة ضمير لكن ليس في اتجاه الإخوان! ::

   
 

التاريخ : 12/12/2013

الكاتب : د. أحمد الخميسي   عدد القراءات : 1242

 


 

 

 

"أوان صحوة الضمير ومراجعة الموقف" بهذا العنوان يخاطب د. إبراهيم العيسوي في مقاله بجريدة الشروق 7 ديسمبر أولئك الذين أخلصوا لثورة يناير ثم حادوا – حسب تعبيره – عن "المسار الديمقراطي" واستدعوا الجيش للتدخل. إنه يدعوهم إلى صحوة ضمير لإدراك أن الخيار الحقيقي ليس بين الجيش والإخوان بل بين "دولة المواطنة الديمقراطية" و"الدولة الأمنية الديكتاتورية".

قد لا تختلف مع ذلك الطرح نظريا، إلا أنك سترى أن المقال ينتهي عمليا إلى أن دولة المواطنة الديمقراطية هي دولة الإخوان! ذلك أنه يصبّ هجومه كلَّه على ما يسميه "سلطة 3 يوليو" لكنه لا يشير بحرف إلى الخلاف الجذري بين آمال الثورة ومشروعها وبين برنامج الإخوان السياسي والاقتصادي المعادي للعدل الاجتماعي وتحرر المرأة وحرية الإبداع والعلوم والفنون وانطلاق ذلك البرنامج من هوية دينية تمزّق الوطن ولا تجمعه. ولا يشير ولو من بعيد إلى ممارسات الإخوان الطائفية والرجعية، لكنه يشجب "إتلاف وحرق مقار الإخوان وحزبهم" ويتحدّث بحرارة عن "الآلاف الذين قتلوا وحرقوا واعتقلوا في رابعة والنهضة" وعن "الإعلاميين والسياسيين الذين يحضّون على العنف والقتل بحق الإسلاميين"! يينما لا يرد ذكر عنف الإخوان وجرائمهم. عند العيسوي أن خريطة الطريق هي التي عمّقت "الاستقطاب وتشويه السمعة بحقّ الإخوان"! لكن ليس الإخوان الذين شقّوا المجتمع بمذهبهم واستقطبوا فئاته بتقسيمها إلى مسلمين ومسيحيين وشيعة وسنة!

هذا التعاطف الجارف الذي يبديه الكاتب مع الإخوان يجعلك تدرك أنه حين يتحدث عن "دولة المواطنة الديمقراطية" إنما يقودنا فعليا لدولة مرسي! أهمية ما يقوله العيسوي أنه يمثل رؤية قطاع من اليسار يعتبر أن ما جرى في 3 يوليو  انقلاب، والانقلاب لا يتم إلا على شرعية، أي أن حكم الإخوان ومرسي كان تجسيدا للشرعية.

بالمفهوم العام للشرعية كان الملك فاروق وحسني مبارك وموسوليني وفرانكو يتمتعون بالشرعية. بالمفهوم المحدّد كانت شرعية مرسي مستمدّة ليس من الانتخاب الديمقراطي الحر الذي يتصوّره العيسوي بل من الأصوات التي تم شراؤها بالزيت والسكر ومن اليأس التاريخي لجماهير وقعت بين مطرقة مرسي وسندان شفيق لأنها لم تجد من يمثلها. هذه هي الشرعية التي تم "الانقلاب" عليها ولأجلها يدعونا الكاتب إلى "صحوة ضمير"! شرعية  ما هو مطبوع على الورق وليس ما هو مطبوع في الواقع من احتياجات التقدم. يغضب  العيسوى لإسقاط "أول رئيس منتخب ديمقراطيا" لكنه لا يتحمّس لديمقراطية الهبَّة الشعبية العارمة ضد الإخوان في 30 يونيو، ولا يرى تناقض برنامج الإخوان جذريا مع برنامج التطور الذي تحتاجه مصر. وينادي بأن الاختيار القائم الآن هو بين دولة ديمقراطية أو ديكتاتورية. لكن دعوته بكل ذلك التعاطف مع الإخوان تصب في عكس ما ينادي به حين تطرح على القارئ خياراً وحيداً هو "سلطة الإخوان"! لذلك لم يكن مستغربا أن تكون "الدعوة إلى المصالحة" خاتمة المقال! المصالحة بين آمال الشعب في التقدم وبين أكثر الفصائل السياسية رجعيةً وعنفاً وتخلفاً. أظن أن علينا أن نميّز بين نقد ما يجري الآن إلى أقصى درجة، وبين الارتكاز على ذلك النقد للاندفاع إلى الخلف.   

 

د. أحمد الخميسي . كاتب مصري

Ahmadalkhamisi2012@gmail.com

 

 

 
   
 

التعليقات : 0

 

   
 

.