جماليـــا : ثقافة , آداب , فنون

From site: http://www.jamaliya.com

سمير اميس (مَشاهِدُ من يَوميَّات يُونان في نَيْنَوَى) – شِعر


أ. د. عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي
25/07/2017

 

 

هَزَّتْنِـيَ الأَمْوَاجُ كَيْ أَسْرِيْ إلى

سُوْقِ الهَوَى في (نَيْنَوَى)

كالطِّفْلِ أُلْقِيْ قُبْلَتِيْ،

سِنَّارَةَ الطُّفولةِ الأُوْلَى

بِمائها العَبِـيْرْ!

 

أَخُوْضُ في شَطٍّ أَخافُ لُـجَّهُ،

أَخافُ غَدْرَهُ،

أَخافُ صَدْرَهُ،

وإِنْ أَشاحَ لي بِوَجْهِهِ الوَدُوْدِ،

أو دَلافينُ السَّلامِ أَعْنَقَتْ بِرَقْصِها إلى السَّماءْ!

 

ـ سَمِير امِيْسُ هاهنا؟ 

تَنُوْسُ في حِـمَى حَمَامِها؟

ـ أَجَلْ..!

...

واستأثرتْ بِطِفْلِها،

سَقَتْهُ مِنْ أَلمْاسِها،

رَوَتْهُ مِنْ أُسطورةِ البِحارِ،

سَبْعَةً...

وضَيَّعَ الجُغْرافِيَا، وضَيَّعَ العُلُوْمَ والحِسابْ!

 

بماءِ عِطْرِها تَلَأْلَأَ الفَتَى، 

وشَبَّ في مَحَارَةِ الشَّذَا،

عِراقُـهُ خَرائطٌ مِنَ الغُيُوْمِ والرُّقَى،

بِقَلْبِ كَفِّهِ المُطِلِّ في الصَّبَاحِ،

مِنْ بِكارةِ النَّدَى،

على (العِراقِ)،

شَرْقَ عاشِقَينِ قَيْدَ شاطِئِ النُّشُوْرْ!

 

ويَرْحَلانِ..

يَرْحَلانِ،

بَيْنَ مُقْلَتـَيْ يَدَيْهِما تَسُلُّ الشَّمْسُ أَوْطَانَ الغَدِ المُبَشِّرِ/

المُـنَـفِّرِ الغِرْبَانَ عَنْ مَراشِفِ الهَوَى،

ومُشْتَهَى الظَّلامِ لِلضِّيَاءْ!

في ذِمَّةِ الطُّيُّوبِ يَرْسُمانِ لَوْحَةً، 

ويَرْقُمانِ لَوْحَةً،

تُطِلُّ مِنْ ورَاءِ أُفْقِها

كَواعِبٌ مِنَ السَّحَابْ!

 

هاتي، حَبيبتي، فَمِيْ،

كيما يُغَنِّيْكِ زَنَابِقَ الرُّؤَى:

طِفْلَـيْنِ كانا، أَمْسِ، في حَشَائشِ النَّدَى، 

وقَبْلَ أَمْسِ،

في حَرَائقِ الحَرِيْرِ إذْ يَسِيْلُ في دَمِ الحَرِيْرْ!

 

طَيْفَيْ صَدًى،

على الجِبَالِ سَارَ طَيْفُهُ،

على المِيَاهِ،

مِثْلَما المَسِيْحُ سَارَ حَافِـيًا،

لِكَيْ يُعَلِّما الغُيُوْمَ:

كيفَ تَمْنَحُ التِّلالَ عِطْرَ وَرْدِها،

وتَمْنَحُ الحَلْماتِ  لَوْنَ بُـنِّها، وعُوْدَ نَدِّها،

وتَمْنَحُ السُّهُوْلَ، 

والحُقُوْلَ،

والعُقُوْلَ،

والمـَراتِعَ المِلاءَ لِلفَضَاءْ؟

 

أَراهُما..

أَراهُما..

إذْ يَبْنِيَانِ الآنَ قَصْرًا مِنْ حَلِيْبِ عَاشِقَينِ،

مِنْ شِفَاهِ فَجْرِهِ يُرَبِّيانِ لي جَنَاحَيْ طَائرٍ،

مَلائِكِيُّ رِيْشِهِ الضِّيَاءِ يَسْتَفِيْقُ مِنْ سَنَابِلِ السَّرَابِ..

يا سَنَابِلَ السَّرَابِ،

هُبِّي بِالحُقُوْلِ مِنْ أَسَاطيرِ المدائنِ اليَبَابْ!

 

مُهَاجِـرٌ نَحْوَ المدينةِ الأَنا،

بِـ(نَـيْـنَـوَى)،

ونَحْوَ نِسْوَةٍ مِنَ الآتِـيْ الجَمِيْلِ،

كُنَّ في (نِيْلِ) النَّوَى...  

لَسَوْفَ يُهْدِيْنَ السَّكَاكِينَ الحَنَايَا لِليَدَيْنِ،

(يُوْسُفٌ) أَنا،

 وهٰذهِ (زُلَيْخَةٌ)،

 يُهَيِّئُ الرِّجَالَ دِفؤُها لِـما...

وما...

..لا بُدَّ مِنْـهُ للرِّجَالِ!

...

هل تَـرَى:

قِطَارَ وَجْدِها الخَياليَّ الذي

يَشُقُّ أَبْيَضَ الأَثيرِ بِالأَثِـيْرْ؟

 

إذْ تَرْفَعُ المَهاةُ سَاقَ بَرْقِها،

وتَطْبَعُ الصَّبَاحَ خَاتِـمًا لها،

الشَّمْسُ فَصُّهُ الذَّبِيْحُ،

العِطْرُ إصْبَعُ الحَرِيْرِ حِينَ تَسْرِيْ في سَرَائرِ «الأَمِيرْ»!

 

إذْ سَلَّمَتْ على مَعَارِجِ المَسَاءِ وَهْوَ يَرْتُقُ المَسَاءْ 

دَنا إليها هامِسًا:

أَراكِ أُنْثَى- لا أُسَمِّيْها؛

تَجِلُّ عَنْ تُـرَابِ التَّسْمِيَاتِ والصِّفَاتِ:

مِنْ دُخَانِ ثَغْرِها

الوُجُوْهُ تَرْتَدِي وُجُوْهَها،

وتَغْمُرُ السَّمَاءَ بَحْرَ وَقْتِها، 

ويُبْحِرُ الشِّهَابُ في مَدَى مَحَاجِرِ المَدَى الشِّهَابْ!

 

قالتْ لهُ:

سَيَسْتَحِيْلُ كُلُّ خَفْقٍ مُهْرَةً لها جَنَاحَا مُهْجَةٍ،

وتَسْتَحِيْلُ رَبَّةُ الحِجَالِ فارِسًا،

يُعَاتِبُ القِفَارَ بالسِّيَاطِ

تُلْهِبُ الشِّعَابَ في ثَرَى الضَّمِيْـرْ!

 

رَوَى لها:

كَمْ تَلْتَقِيْ بِهِ على حُدُوْدِ حُلْمِها،

على حُدُوْدِ ما بَينَ الحَياةِ فيهِ والحَياةِ،

ما بَينَ الحَياةِ فيهِ والمَماتِ،

أو بَينَ الفَناءِ والفَناءِ والبَقاءْ!

 

تآلَفَتْ على ثَرَى وِصَالِـها مِنْ كُلِّ أَطْيافِ الضَّوَارِيْ،

كُلِّ أَلْوَانِ الطُّيُوْرِ،

والبُذُوْرِ،

 في السُّهُوْبِ والنُّجُوْعِ والصَّحَارَى والهِضَابْ!

 

خَطَتْ بِهِ/

بِها..

على مَاءِ الغَرامِ خُطْوَةً

تَفَتَّقَتْ لها جَزائـرُ العُيُوْنِ بِالنَّخِيْلِ جَزْلَةً:

جَهَنَّمَ احْتَوَتْ عُذُوْقُها وجَنَّـةَ السَّعِيْرْ!

 

أُسْطُوْرَةُ النِّسَاءِ سَافَرَتْ

بِعَالَـمِي، فُجَاءَةً، إلى مَدارِها..

وعَالَـمِي مَدارُها بِلا انتهاءْ!

 

الكَوْنُ مِنْها صَفَّدَ الرَّذَاذَ في السَّحَابِ،

جَمَّدَ المِدَادَ في شَرَايِيْنِ السُّطُوْرِ،

قَـيَّـدَ الخُطَى على الدُّرُوْبِ،

إلَّا في مَدارِها البَعِيْدِ وَحْدَها،

وفي مَدَارِها القَرِيْبِ..

... 

وَعْدَها،

يا وَعْدَ أَمْسِيْ في غَدِيْ.. 

لا،

لا أَرَى في هٰذهِ القَصِيْدَةِ الكَلْكَامِشِيَّةِ الصَّدَى

سِوَى فَراشَةِ الحَضَارَةِ

استَدَارَتْ حُرَّةً،

تَشُنُّ غَارَةً لِضَوْئِها،

وغَيْرَ نَوْرَسِ الحُضُوْرِ مِنْكِ

مُبْحِرًا بِما سِوَاكِ لِلْغِيَابْ!

 

لِيَرْجِعَ الفُلْكُ العَتِيْقُ مَوْهِنا

و(يُوْنُسُ) النَّبِيُّ يَنْثَنِيْ إِلَيْكِ، (نَيْنَوَى)، مِنَ الإِبَاقْ

مُلَفَّعًا بِكُلِّ أَلْوَانِ الغَزَالَةِ الجَـنَى

لم يَلْتَقِمْهُ حُوْتُهُ، كما يُشَاعُ، في الرِّفَاقْ

...

ها حُلْمُهُ الكَبيرُ يَعْتَرِيْهِ: 

«في العَرَاءِ سَوْفَ يَنْبـُتُ اليَقْطِيْنُ

بِـ«الغَدِ الفَتِـيِّ، وَاهِبِ الحَيَاةِ»،

يُوْرِقُ (العِرَاقُ) مِنْ نَواهُ،

مِثْلَما يَلِيْقُ بالنَّخِيْلِ،

وُجْهَةً إلى السَّماءِ،

والسَّماءُ وُجْهَةٌ وَحِيْدَةٌ إلى العِرَاقْ!»

 

 

 

أ. د.  عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي

(الأستاذ بجامعة الملك سعود، بالرِّياض)

p.alfaify@gmail.com

https://twitter.com/Prof_A_Alfaify

http://www.facebook.com/p.alfaify

http://khayma.com/faify

 

 




Link: http://www.jamaliya.com/ShowPage.php?id=14126