جماليـــا : ثقافة , آداب , فنون

From site: http://www.jamaliya.com

في صَوت وديع الصّافي


إيلي مارون خليل
25/06/2016

 

 

 

       ألكلمات، في القصائد، تشتاق إلى التَّخَطّي، تَخَطّي الأوزان والألحان. وهذه تتوقُ، دومًا، إلى التَّجاوز، تَجاوُزِ القُدرةِ والأداء. وهذان يعملان، أبَدًا، على الذَّهاب ما بعد الصّوتِ. وحده، الصّوتُ ـ النِّعمةُ، الصّوتُ ـ الأعجوبيُّ، يَخرقُ. فهو القادرُ على الخَلْق، الخَلْقِ الفنّيّ الهائلِ لكلمات القصائد، مهما برعَ بَيانُها، وتناغمت ألحانُها الشَّفيفة، وتَماسكتْ أجزاؤها، وتَألّقتْ في النُّورانيّة.

       هذا الصَّوتُ الفريدُ، الفتيُّ، النّقيُّ، العاري، الذّكيُّ، ثَوبُ الرّوحِ أو نورُها، المُحَقّقُ ذلك كلَّه، هو صوتُ وديع الصّافي!

       وإنّ العلاقةَ بين صوتِ وديعِ الصّافي والمُتَلَقّي، حميمةٌ، عميقةٌ، صادقة، قويّة، ثريّة، خصْبة. فأنت تستعِدُّ للإصغاء، تتهيّبُ، تتأهّبُ، وإذ يبدأ، لا تنتبه كيف تستسلم، كيف تسترسل في الأحلام، كيف تُحَلّقُ، تَسْمو، تَسْتمرُّ تَسْتقرُّ في رَهبةِ الصّوتِ، والخُشوع له. سِرُّ هذه العلاقةِ الآسرةِ!؟ يَكمنُ في كون صَوتِه هو خُلاصةُ رَهافةِ روحِه.

       وحين تستعِدُّ للإصغاء إلى وديع الصّافي، وتبدأ ترتعِشُ انتِشاءً، ألا تشعر بأنّك امتلأتَ سعادةً إلى حَدّ البُكاء!؟ ألا تشعرُ، بعدُ، بأنّكَ السَّجينُ، سجينُ ترابيّتِك، الّذي أخذَ يُحَلّقُ، حرًّا، بطفولتِه المُستَعادةِ، أو الكامنةِ، أو الرّاقدة!؟ سِرُّ هذه الارتِعاشة الرّاقيةِ!؟ أنّ هذا الصَّوتَ يُحرّرُكَ من كلّ ما يُعيقُ ارتقاءَك نحو الكَمال!

       إلى هذه الدّرجة!؟

       ولِمْ لا!؟ فالإبداعُ أجملُ من المُبدِع! والمُتَلَقّي المُثَقَّفُ، يجد في الصّوت، ما لا يعرفُه عن صَوتِه، المُطربُ، أو ما لا يجدُه!

       لكنّ... أشدَّ ما يؤلِمُني، وأنا مُصْغٍ، أنّ نَزْفَ ذاتي يتوقّفُ مع انتهاء أغنيّةِ وديع الصّافي: أقعُ في الواقعيّة! فصَوتُه، وديع الصّافي، يُلاشيني نورًا في نور، نَشواتٍ في نَشوات. هو إغراءٌ ورغبةٌ في الإغراء، في الآن عينِه.

       لصوتِ وديع الصّافي أحضانٌ أرتمي فيها وتَحتضِنُني، وأجنحةٌ معها تحملُني، وبي ترتقي! وفي كلّ حينٍ وحالٍ تَلفُّني السّعادةُ القصوى... الـْ إليها أبقى دائمَ الحنين!..

زوق مكايل 14/3/2016  

 

 




Link: http://www.jamaliya.com/ShowPage.php?id=13405