جماليـــا : ثقافة , آداب , فنون

From site: http://www.jamaliya.com

فائدة الكلام الجارح


فاطمة المزروعي
07/02/2016

 

 

شكت إليّ إحدى الصديقات ما تتعرض له من غمز ولمز من أخريات في مقر عملها، ومردُّ مثل هذه الممارسة ضدَّها تميُّزُها ونشاطُها في عملها والحضورُ والانصرافُ بدقّة، وقوّة تواصلها مع الجميع، وهذا سبّب لها نوعاً من الحسد، وأيضاً زعلاً من زميلاتها اللاتي قلْنَ لها أكثر من مرة إن نشاطها يُظهرهُنَّ مقصِّرات في أداء وظائفهن.

ولهذه الصديقة ولكل من تعرّضت له الألسنة بالسوء، خير وسيلة للرد هي الصمتُ والتجاهل، لأن أي محاولة منك للرّد والتدخُّل ستكون أنت في نهاية المطاف الخاسر، وستجرُّ نفسك نحو حربٍ كلامية لا طائل أو فائدة منها، بل قد تظهر أنك أنت من ارتكب الخطأ وليس العكس.

أحياناً، نلوذ بالصمت، باعتباره تعبيراً عن حالة القوة والثقة التي نعيشها وأننا أكبر من الإساءة، نصمت لأننا لا نستطيع الهبوط للدرجة الأخلاقية ذاتها التي وصل إليها الآخر، فلا تجد إلا الصمت التام ليعبِّر عن حالة الفجيعة التي تلبّستك والذهول الذي أحاط بك.

يقول الشاعر:

قالوا سكتَّ وقد خوصِمتَ؟  قُلتُ لهم:       إنَّ الجـــــوابَ  لِبــــابِ الشــــَّــــرِ  مِفتــــــاحُ

والصمَّتُ عَن جاهِلٍ أو أحمَقٍ شَرَفٌ         وفيه أيضاً لِصَــــوْنِ العِرضِ إصـــلاحُ

أما تَرَى الأُسْدَ تُخْشى  وهي صـــامِتَةٌ         والكلبُ يُخسى،  لعَمْري، وهـــو نَبّـــاحُ.


وبالفعل، ففي أحيان يكون صمتك حكمة ورداً بليغاً.

فلنتعلّم لغة الصمت، ونمارسها في حياتنا، ونلفّ حبها البعض ممن يرمون الكلام ولا يعرفون متى يصمتون.

ولهذه الصديقة ولكل من تعرّض لنفس ما تعرّضت له: لا تعتقدوا أن الصمت ضعف، بهذا خطأ جسيم يقع فيه الكثير ممّن يفسرون صمتهم خوفاً أو ضعفاً، والحقيقة مختلفة عن هذا تماماً، وثقوا بأن للصّمت فائدة ستغمركم بالرضا عن أنفسكم وتمنحكم الثقة. وكما يُقال الذي يسير ويعمل هو من يتعرّض للكلام الجارح

 




Link: http://www.jamaliya.com/ShowPage.php?id=12992