جماليـــا : ثقافة , آداب , فنون

From site: http://www.jamaliya.com

إحلم، يا رجل! (9) .. إحلم، تنجُ من الغباوة!


إيلي مارون خليل
20/10/2014

 

 

 

       إحلم!

حلمُك يُنقذك من تفاهات العالم وسخافاته والسّفسَطات!

إحلم!

حلمك ينجّيك من غباوة النّاس: مُثَقَّفين، كانوا، أم زعماءَ، أم عاديّين!

إحلم! وأنت تفكّر في هذا الكون بما فيه من تفاهات! تفاهات أهل هذا الكون، وسخافاتهم والسّفْسَطات. فهذه، إن كثُرتْ، حدّت الفكرَ، أعاقته، عملت على تعطيله. وإن غلبت، طفت السّخافاتُ، وأعْتَمَ الفكر. وإن أعتم الفكرُ، عمّت السّفْسَطاتُ، وانتشر الجَهلُ والغباوة.

أنظر حواليك، يا هذا، ألا ترى العجب، وأينما كان!؟ في البيت، لقد باتت بيوتُنا عجيبة غريبة، لا تُشبِهُ البيوتُ، عندنا، أصحابَها. أصبح الفرد غريبًا في مسكنه! لا يقدر على الاستكانة، فيه، أو الاطمئنان إليه! أزلنا وَساعة الشّبابيك، فشحّ النّورُ والهواء. ألغينا العُلُوَّ، فبات البيتُ عُلْبةً. ضيّقنا الغُرَفَ، فصارت سجنًا. صحّرنا جِوارَ البيت، فلا شجرة لظلّ، ولا غصن لعصفور، ولا زهرة لعطرٍ أو لون، فكيف نحيا، لا نور، لا هواء، لا مَدى، لا حرّيّة، لا جمالات!؟ ألحلم! وحده، الحلم، يُنقِذُك ممّا أنت فيه!

وفي الطّرقات والشّوارع والمكاتب والمؤسَّسات والشّركات والمَحالّ إلخ... ماذا تسمع، يا شريك العمر والحياة!؟ لقد أصبحتْ هذه الأماكنُ، كلُّها، وسِواها، مقرَّ الثّرثرة والثّرثارين. فلا تمييز بين إنسانٍ وآخر! فلا المثقَّف يحيا ثقافتَه، ولا المتعلِّم يتصرّف بعِلمه، ولا رجل الدّين بإيمانه... لَكأنّ الأخلاقَ انتهت، والقِيَمَ زالت، والإنسانيّةَ اضمحلّت! فلا تُسمعُ تحيّة، ولا يُلقى سَلامٌ، فالجميعُ عابسٌ، لا وجه يُشرِقُ حُبورًا ولا ابتسامًا! والكلُّ غريبٌ يَنهشُه واقعٌ مظلِمٌ ظلاميٌّ كئيب!

وفي هذه الأمكنة، جميعِها، ماذا تشاهدُ، إلى جانب ما تسمع؟ أتًشاهدُ ما يُفرِحُ أم ما يُحزن!؟ أتُشاهدُ ما يجعلكَ منتمِيًا إلى شعبٍ وأرض ومجتمع ووطن، أم ما يجعلُك غريبًا بين أهلك وقومك ومواطنيك!؟ ما يجعلك متعلِّقًا بأرضك، بسمائك، بمَطارحك، بأرضك، أم مُهَوِّمًا هائمًا تائهًا!؟

إصْغِ إلى ما حواليك، ومَن حواليك، هل تسمعُ المُغْني المفيد!؟ ما موضوعات الأحاديث؟ سياسيّة تافهة! إجتماعيّة لاهية! دينيّة شاتمة! أخلاقيّة سخيفة! إقتصاديّة طمّاعة، أو حاقدة، أو حاسدة! فنّيّة تافهة، أو غبيّة!.. ألكلُّ يحسبُ نفسَه العالِمَ الفاهم الواعي... يحسب نفسَه المطّلع على كلّ موضوعٍ أتَمَّ الاطّلاع. الواثق من معلوماته أشدّ الثِّقة.

إحلم، تَنْجُ!

وتاليًا، مَن هو العاملُ، في أيّ زمانٍ، في أيّ مجالٍ، في أيّ مكان، بضميرٍ حيّ، ناضجٍ، مُضيءٍ، مسؤول!؟

قد يُمكنُ أن يكونَ، وحده، الفلّاحُ، صاحبَ الضّمير الحقيقيِّ! هو يعمل لنفسِه، عند نفسِه، لا لآخرين! وفي الأرض الحيّةِ المُحْيِية، الطّيّبةِ، المُسامِحة... أشممتَ رائحةَ التُّرابِ، بعد الشَّتوة الأولى!؟   إحلم، إذًا، إحلم! تنجُ ممّا أنت فيه وعليه! فتخرج إلى الحياة الهانئة، والّتي قد تعرفُ، من خلالها، قيمة الحلم في هذي الحياة الهَشّة!

إحلم!

ألاثنين 1/9/2014

 

إحلم، يا رجل! (8)

ولتكن منبع الأحلام




Link: http://www.jamaliya.com/ShowPage.php?id=11521