جماليـــا : ثقافة , آداب , فنون

From site: http://www.jamaliya.com

قناديل 96


جوزف أبي ضاهر
24/02/2013

 

 

شياطين المدن

«المدنُ تسكنها الشياطين».

قالتها ختيارة تتكئ على ذكريات عمّقت تجاعيد وجهها، وأخفت بريقًا كان في عينيها وصوتها.

زفراتها المتسارعة تركت الكلام يمرّ بين الشفتين صابًا لعنة على المدن وعلى «شياطينها» الذين أغروا زوجها يوم زارهم لمرّة أولى، فنفخوا فيه فتنةً فافتتن وما رجع إلى بيته إلا ليأخذ فتوّته كلّها، ويترك الرثَّ من عاطفة أغرى بها، يومًا، امرأة ليتزوّجها.

قَبلت به ديمومة وما حَسِبت حساب الشياطين الذين يسكنون المدن ويخطفون الرجال والنساء والعواطف، ولا يُبقون على نضارة في وجه وجسد.

ـ «ملعونةٌ المدن وملعونةٌ شياطينها».

صرخت الختيارة... ولم تكمل. كان السعال يترصّدها. قطع شرايين صوتها... وقطّع آخر صورة لزوج سرقته شياطين المدن.

 

هي الجماهير

الجماهير التي تهلّل هي ذاتها التي تنقلب على من هلّلت له وهتفت باسمه، وخدّرته بقول صار مأثورًا: «بالدم بالروح نفديك».

ألسنةُ الجماهير التي تلحس السكّر هي ذاتها التي تلعق الملح، ثم تتفّه في وجه من «ضيّفها» سُكّرهُ مطلع حضوره «ملهمًا» بينها، وقائدًا أُنزلت البركات عليه من السموات السبع، وغُطّي جسده وعوراته بمفردات التبجيل.

بعد عمر طويل

وُلِدَ للعائلة صبيٌّ. امتلأ البيت فرحًا وحبورًا. وعرف كل من وصلت إليه «البشرى».

هرول السياسيُّ إلى العائلة، تسبقه رغبة.

ـ للتهنئة؟

لا، للتثبُّتِ من ميول المولود الذي سينتخب ابنه... بعد عمر طويل!

عُرِف السبب

«خارجٌ على القانون» مطلوبٌ للعدالةِ بمذكرات، حتّى الآن فاقت العشرين مذكرة، ضرب خصمًا بساطورٍ على رأسه، فَتَحَ فيه جرحًا يكاد لا يُختَمُ على شفاء.

القانون فتح ملفًا للجرح، وبوشر البحث والتحرّي لكشف الأسباب.

وصل متأخرًا

شاهدت على الشاشة الصغيرة لقطات من «شوارع الربيع العربي».

الثوّار في معظمهم كان شعرهم أبيض.

تأكدتُ:

ـ لذا وصل الربيع متاخرًا!

لحظة سكون

يبدأ السكونُ كما النعاس... في رفّةِ عين.

***

بلاغة السكون أعمق من بلاغة الكلام.

***

في الكلام وجوهٌ تتبدَّل.

في السكون وجوهٌ تذبل.

***

صوت السكون يصل إلى قلب يسمع.

***

يسلِّمُ الصمتُ مَهمّتهُ للعينين في لحظة سكون.

***

ينهمرُ الكلامُ على السكون.

يحرّضه على التأفف.

***

السكون سلطان ليس في تاجه كلمة.

***

الحدس ناقوسٌ يُدق من داخلٍ، منبِّهًا في لحظة سكون.

***

خرجتِ الشمسُ من سكونٍ بثوب حرير.

لمحتنا، شلحت الحرير... لم نهتم.

خجلت، احمرّ وجهها، عادت إلى السكون.

نزلت في الماء قرص جمر.

***

رغبتنا في السكون تحفِّزُ أحلامنا.

نسكن الشعر.

 

 

 




Link: http://www.jamaliya.com/ShowPage.php?id=10001